بطولة العبّاس
فسمعَ العباسُ صوتَ زينبِ |
|
وهوَ يرى في غربةٍ سبطَ النبي |
قالَ لإخوان لهُ : تقدَّمُوا |
|
فقاتَلُوا في عزة لم يُحْجِموا |
همْ جعفرُ الفذُّ وعبدُ اللهِ |
|
وثمَّ عثمانُ فتى الدواهي |
إذْ واجَهوا الموتَ رجالاً بررَهْ |
|
مُشبّهينَ بأبيهم حيدرَهْ |
فلمْ يكُ العباسُ بَعْدُ يصبرُ |
|
فجاءَ للحسينِ وهوَ يزْأَرُ |
يسمعُ صوتَ الصبيةِ العطاشى |
|
حاشاهُ أن يغضَّ طَرْفاً حاشا |
يقولُ : يا أَخاهُ ضاقَ صدري |
|
أُريدُ أنْ آخُذَ منهُم ثَأْري |
فدمعَتْ عينُ الحسينِ واكتوى |
|
وقالَ : أنتَ أنتَ صاحبُ اللِّوا |
إنْ شِئتَ فاطلُبْ للنساءِ ماءا |
|
وصبية باتُوا لنا ظِماءا |
فحملَ القربةَ نحوَ المشرعَهْ |
|
وقدْ أُحيطَتْ بالرماحِ المُشْرعَهْ |
لم يَرْهَبِ العباسُ ذاكَ الجَمْعا |
|
إلّا وقدْ أثارَ فيهِ النَّقْعا |
مُرتجزاً يهدرُ وهوَ يضربُ |
|
يقولُ : هلْ مِنْ فارس يا عربُ |
« لا أرهبُ الموتَ اذا الموتُ زقا |
|
حتى أُوارى في المصاليتِ لقى (١) |
اِنّي أنا العباسُ أغدو بالسِّقا |
|
ولا أَهابُ الموتَ يومَ المُلْتقى » |
وراحَ في قتالهِ يجالدُ |
|
وعنْ بناتِ المصطفى يجاهدُ |
__________________
(١) المصاليت : القبور. لقى : مطروح.