حتّى اِذا ما اقتحمَ الفُراتا |
|
وأسكتَ الضجيجَ والأصواتا |
مدَّ يداً للماءِ كيْ يغْتَرِفا |
|
ففي فؤادهِ لهيبٌ ما انطَفى |
تذكَّرَ الحسينَ والنساءا |
|
وكيفَ ظلُّوا بعدَهُ ظِماءا |
فقالَ والدمعةُ في العيونِ |
|
« يا نفسُ مِنْ بعدِ الحسينِ هُوني |
وبعدَهُ لا كُنْتِ أو تَكوني |
|
هذا الحسينُ واردُ المَنونِ |
وتشربينَ باردَ المَعِينِ |
|
تاللهِ ما هذا فِعالُ دِيني » |
فتركَ الماءَ وظلَّ عاطِشا |
|
وملأَ القِربةَ ماءً ومَشى |
فاختَبأوا لهُ وراءَ نخلَهْ |
|
يحاولونَ منعَهُ أوْ قتلَهْ |
ونَصبوا بغِيلة كَمِيناً |
|
حتّى بَروا من زندِهِ اليَمِينا |
فقالَ : « إنْ قطعتمُ يَميني |
|
إنّي أحامي أبداً عَنْ ديني |
وعنْ إمام صادقِ اليقينِ |
|
نجلِ النبيِّ الطاهرِ الأمينِ » |
ولمْ يزلْ يضربهمْ ضُلّالا |
|
فقطَعوا ذراعَهُ الشِّمالا |
وجاءَتِ السِّهامُ مثلَ المَطرِ |
|
فصدَّها بصدرهِ والمنحَرِ |
وقدْ أصابتِ السقاءَ الأسهُمُ |
|
أُريقَ ماؤُها وطاحَ العلَمُ |
مُذْ ضُرِبَ العباسُ بالعمودِ |
|
وجسمُهُ مُزِّقَ بالحديدِ |
فصاحَ يا حسينُ يا غريبُ |
|
أُخيَّ يا مظلومُ يا حبيبُ |
عليكَ منْ جِراحي السلامُ |
|
قدْ قالَها وانقطعَ الكلامُ |
جاءَ الحسينُ هاتِفاً بصيحةِ |
|
انكسرَ الظهرُ وقلَّتْ حِيلتي |
وشُمتَتْ بغُربتي الأعداءُ |
|
مذْ طاحَ مِنكَ السيفُ واللِّواءُ |
وعادَ نحوَ خيمةِ الاطهارِ |
|
يُكفكِفُ الدموعَ بانكسارِ |
فَسمعَتْ سُكينةٌ وزينبُ |
|
فكثرَ المُعوِلُ والمُنتَحِبُ |
وصرختْ زينبُ وا ضيْعَتنا |
|
بعدَك يا عمادَنا وبيتَنا |