إن لم يكونوا نصروا الحسينا |
|
ولم يوفوا للنبيِّ الدينا |
قد كاتبوه ودعوه سرا |
|
لكنّهم لم ينصروه جهرا |
فاشتعل اللومُ بهم والعتبُ |
|
عسى يُكفرُ الونا والذنبُ |
فما الذي يمحو سوادَ العارِ |
|
غيرُ طلاب الثارِ للأطهارِ |
فيالثارات الحسين ارتفعت |
|
وخلفها كلُّ السيوف التمعت |
فاجتمعوا في دارةِ الخزاعي |
|
القائد المقدّمِ المطاعِ |
فذكروا مقتل سبط طه |
|
وأطلقوا آهاً تجرُّ آها |
وقرّروا أن يكتبوا للشيعه |
|
في السر نحو ثورةِ مريعه |
__________________
=
ولمّا حان الوقت المتفق عليه تجمّع أربعة آلاف في النخيلة وقد انطلق الثوار إلى قبر الحسين عليهالسلام وهم يبكون ويعلنون ندمهم وتوبتهم إلى الله من خذلانهم لسبط النبي وريحانته ، ثمّ انصرفوا عن القبر الشريف بعد أن أقسموا على الأخذ بالثأر للحسين الشهيد ، وكان عبد الله بن عوف الأحمر يلهب النفوس بشعره الثوري ، حيث كان يخاطب الجموع بقوله :
صحوتُ وودعت الصبا والغوانيا |
|
وقلت لأصحابي : أجيبوا المناديا |
وقولوا له إذ قام يدعو إلى الهدى |
|
وقبل الدعا : لبيك لبيك داعيا |
وسار جيش التوّابين يقدمهم عبد الله بن عوف وهو يثير حماسهم مرتجزاً بأشعاره.
فوصلوا إلى ( عين الوردة ) وقد زحفت عليهم جيوش الشام بقيادة المجرم عبيد الله بن زياد. فالتحم الجيشان التحاماً رهيباً وجرت أعنف المعارك ، وأبدى التوابون من البسالة والبطولة والصمود ما يشرّف صفحات التاريخ. فاستشهد قائد التوابين سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة وعبد الله بن سعد وغيرهم من الأبطال. وفي غمرة الصراع راى التوابون أن لا قدرة لهم على المواصلة فتركوا ساحة القتال ورجعوا مع الجراح النازفة في ظلمة الليل البهيم إلى الكوفة ، ولا شك أن ثورة التوابين رغم أنّها لم تحقق نصراً حاسماً إلّا أنّها ساهمت في بلورة الوجود الشيعي الثوري في الكوفة ، وكذلك تحطيم القوة العسكرية للجيش الأموي الذي لا يقهر ، ومهدت الطريق إلى ثورة المختار العظيمة.