لكون مكان الهجرة معلوماً لشهرته في تاريخ الإسلام. ومن مواطن الجمال حذفه للفاعل في الحديث عن بداية الأذان في المدينة المنوّرة أوضحه في بيت لاحق ليعطي بعدين للموضوع أحدهما تشريع الأذان ودوره في حياة المسلمين ، ثم الإشارة الى اول من اذن في مسجد الرسول :
ورفع الأذان للصلاة |
|
أنشودة في شفة الدعاة |
أوّل من صاح به بلال |
|
ومن به قد ضجت الأغلالِ (١) |
فقد وصف الأذان بكونه أنشودة في شفاه الدعاة ، وتعمد حذف الفاعل في هذا الموضع رغبة في الإبهام لتشويق القارىء الى ذكره ، وبعد البيت المعني جاء البيت الثاني الذي افصح فيه عن فاعل الأذان بجملة إسمية أقوى في الدلالة مع وصف لبلال وكونه من المسلمين الأوائل الذين تحمّلوا عذاب المشركين حتى أثرت فيه الأغلال وهو يعذب في رمضاء مكة. وعندما التقى جيش الحر بن يزيد الرياحي بركب الحسين عليهالسلام في الصحراء كان جنود الحر عطشى بحاجة الى من يسقيهم الماء فكانت نفس الحسين الكبيرة ورحمة سيد الشهداء بهم ، حيث سقاهم الماء ورشّف خيلهم ، ويترجح عندي أن السيد الشامي أراد التعجيل بإيراد المسند فحذف المسند اليه في قوله :
عطشى فأعطاها الحسينُ الماءا |
|
ورشّفوا خيولها الضماءا (٢) |
كأنه أراد « هم عطشى » لأنّ المسند هنا هو محل العناية ولهذا حذف المسند إليه مع دلالة السياق على المحذوف ، ولو ذكر لكان في الكلام ضعف دلالي يترفع من ينشد الفصاحة عن ذكره ، والجملة هنا جملة تحويلية إسميّة عنصر التحويل فيها الحذف كما مرّ بنا.
__________________
(١) القوافل ١ / ٤٣.
(٢) القوافل ٤ / ٥٨.