__________________
=
واستجلب زيادة النعم بعظيم الشكر ، والتوسل إلى عظيم الشكر بخوف زوال النعم. واطلب بقاء العزّ بأماته الطمع ، وادفع ذلّ الطمع بعزّ اليأس ، واستجلب عزّ اليأس ببعد الهمة ، وتزود من الدنيا بقصر الأمل ، وبادر بانتهاز البغية عند امكان الفرصة ، ولا امكان كالأيام الخالية مع صحّة الأبدان.
وإيّاك والثقة بغير المأمون فإن للشر ضراوة كضراوة الغذاء ، وأعلم إنّه لا علم كطلب السلامة ، ولا سلامة كسلامة القلب ، ولا عقل كمخالفة الهوى ، ولا خوف كخوف حاجز ، ولا رجاء كرجاء معين ، ولا فقر كفقر القلب ، ولا غنى كغنى النفس ، ولا قوة كغلبة الهوى ، ولا نور كنور اليقين ، ولا يقين كاستصغارك للدنيا ، ولا معرفة كمعرفتك بنفسك. ولا نعمة كالعافية ، ولا عافية كمساعدة التوفيق ، ولا شرف كبعد الهمة ، ولا زهد كقصر الأمل ، ولا حرص كالمنافسة في الدرجات ، ولا عدل كالإنصاف ، ولا تعدّي كالجور ، ولا جور كموافقة الهوى ، ولا طاعة كأداء الفرائض ، ولا خوف كالحزن ، ولا مصيبة كعدم العقل ، ولا عدم عقل كقلّة اليقين ، ولا قلّة يقين كفقد الخوف ، ولا فقد خوف كقلّة الحزن على فقد الخوف ، ولا مصيبة كاستهانتك بالذنب ، ورضاك بالحالة التي أنت عليها ، ولا فضيلة كالجهاد ، ولا جهاد كمجاهدة الهوى ، ولا قوّة كردّ الغضب ، ولا معصية كحبّ البقاء ، ولا ذلّ كذلّ الطمع ، وإيّاك والتفريط عند إمكان الفرصة فإنّه ميدان يجري لأهله بالخسران.