__________________
=
ولو اردنا ان نعرض الحقيقة دون لبسٍ او تحريف فإن هذا الرجل هارون من اولئك القلائل الذين خدمهم التأريخ اكثر مما يستحقون فأطراهم الآخرون زيفاً وبهتاناً كما فعل اكثر المؤرخين.
قال الاستاذ علي الطنطاوي المصري : هارون الرشيد هو اول حاكم استبدادي مطلق ، كان يحكم وحده الامور اكثر من عشرين عاماً ، انه الحاكم الذي جعله الحظ اشهر ملوك الاسلام ، وما كان له دهاء معاوية ، ولا شدة عبد الملك بن مروان ، ولكنه جاء والزمان مُقبل عليه فإنخدع به ، وله مؤرخ ثقة كابن خلدون حتى كذب اخبار لهوه ، ان الرشيد صورة من صور عصره ، حيث الشر ، والفسوق ، واللهو ، والمجون ، والشعر ، والغناء ، والجواري ، يتلوها صور الفقر الفاحش ، والشطّار القتلة ، ثم عالم عجيب يناقض مما سبق ، حيث بناء القصور الفارهة كقصره قصر الخلد ففيه ما لا يستطاع ان يوصف لا ببيان ولا بلسان. رجال من التاريخ / ٨٤
ومما ذكره الاستاذ كامل سليمان : لم يكن هذا الخليفة رشيداً في تفكيره الاخروي ولا سديداً في تقديره الدنيوي بل عمل بجاهلية حمقاء وبعصبية رعناء جعلتاه لا يتورع عن ارتكاب كبائر المحرمات واقبح الممارسات كالملحد بالله الكافر برسوله الذي لا تربطه بالاسلام ادنى رابطه ، وعندما درست اعماله لا سيما مع الإمام الكاظم عليهالسلام رأيته يعملُ اعمال رجلٍ باع آخرته بدنياه وتصرّف تصرف عاتٍ متعنّت. موسى بن جعفر عليهالسلام / ١٧٣
وخلاصة ما ورد في المصادر التاريخية : إن السمات اللازمة لهذا الخليفة هي : نفوذه وتسلطه على المسلمين ، وضخامة بذخه واسرافه باموال الناس ، وخاصة على الطرب ، واللهو ، والشعراء المأجورين في بلاطه ، كما عُرف شربه للخمور ، وهتكه محارم الاسلام من استمتاعه بالنساء والجواري.