__________________
=
والعلويون فأخذوا يبكون لدينهم ، بينما اصحاب السلطان والبرامكة فقد اطلقوا لأنفسهم العنان في اللذات ، ورغم ذلك فقد كان هارون يراقب اعمالهم ويتجسس على نواياهم.
ولمّا علم هارون ان الفضل بن يحيى البرمكي خفف عن الإمام الكاظم عليهالسلام في سجنه استدعاه وجرده من ثيابه وضربه في مجلسٍ عام ، ونقل الامام عليهالسلام الى سجنٍ آخر.
وهكذا كثُر الظلم والفساد وعمت الشكوى من الرشيد والبرامكة ، حتى القى الله سبحانه بأسهم بينهم سرعان ما اوقع بهم هارون وقعة منكرة فأبادهم حتى كأن الشمس لم تشرق عليهم ابداً.
قال القمي : صحيحٌ ان قضية العباسة اخت الرشيد سبب ظاهري للايقاع بالبرامكة ، لكن السبب الحقيقي هو الانتقام الالهي منهم لما فعلوه بالامام الكاظم عليهالسلام. اخبار الخلفاء / ٢٩٤
ومن جميل ما ورد في كتب التأريخ ، التي تنقل ما فيه صورة من صور العبرة والموعظة من التاريخ ان احد الوعاظ دخل على احد الخلفاء بعد انقضاء عصر هارون ، فطلب هذا الخليفة من الواعظ ان يعظه فقال له : يا أمير المؤمنين أعظك بما سمعتُ او بما رأيت ؟
فقال الخليفة : بل بما رأيت ، فقال الواعظ كنت يوماً أتصفح سجل الخلافة الكبير في ايام هارون فرأيت في اول صفحاته :
امر امير المؤمنين هارون بأعطاء يحيى البرمكي ١٠٠ الف دينار.
ثم اخذت اقلّبُ صفحاته فوجدتُ :
امر امير المؤمنين هارون بأعطاء الفضل بن يحيى ١٠٠ الف دينار.
ثم قلّبتُ فوجدت :
امر امير المؤمنين هارون بأعطاء ١٠٠ الف دينار ليحيى ، ومثلها للفضل ، ومثلها لجعفر.
ثم اخذت اقلبُ حتى وصلت الى ورقة فوجدت فيها :
امر امير المؤمنين هارون بصرف ١٠٠ دينار فقط لجلب نفط وقصب لحرق جثث البرامكة.
فسبحان الله مُغير الاحوال.