__________________
=
حججتُ يوماً مع ابي هارون فلما وصل الى المدينة ، ثم اذ دخلَ علينا شيخٌ قد انهكته العبادة كأنه شنٌّ بالٍ ، فلما رآه ابي ترجلَّ من حماره ، واجلسه على بساطه ، فنظرنا اليه بالاجلال والاعظام ، فأقبل والدي يحدّثهُ ويُقبل بوجهه عليه ، فما اسرع الشيخ الى ان نهض فنادانا ابي هارون انا واخي الامين واخي المؤتمن : يا عبد الله ، يا محمد ، يا إبراهيم قدموا بين يدي عمكم وسيدكم خذوا بركابه ، وسووا عليه ثيابه ، وشيعوه الى منزله ، فلما خلا المجلس قلتُ لأبي هارون : يا امير المؤمنين ، مَنْ هذا الرجل الذي عظّمته واجللته ؟ فقال لي : هذا إمام الناس وحجّةُ الله على خلقه وخليفته على عباده ، فقلتُ : يا امير المؤمنين اوليست هذه الصفات كلها لك وفيك ؟!
فقال : انا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر وهذا موسى بن جعفر إمام حقٍ والله يا بنيّ انه لأحقُّ بمقام رسول الله هذا مني ومن الخلق جميعا والله لو نازعتني انت على هذا الامر لأخذت الذي فيه عيناك فإن الملك عقيم. الاحتجاج٢ / ١٦٥.
الصورة الثانية : عن الريان بن شبيب حيث قال :
قال المأمون : دخل الناس على ابي هارون فكان آخر من اذن له موسى بن جعفر عليهالسلام فلما نظر اليه نهض له وقرب منه وجثا على ركبتيه وعانقه ثم اخذ يسأله عن احواله فلما نهض موسى عانقه ابي وودعه ..
قال المأمون : فقلتُ : يا امير المؤمنين ، رأيتك قد علمتَ لهذا الرجل شيئاً ما عملته مع احدٍ قطّ ، فمن هذا الرجل ؟
فقال هارون : يا بُني هذا وارث علم النبيين هذا موسى بن جعفر ان اردت العلم الصحيح فعند هذا.
قال المأمون : عند ذلك انغرس حبّه في قلبي وحبّ اهل بيته. حلية الابرار ٢ / ٢٦٩.