__________________
=
المدينة ان يكتب بكتاب الى محمد بن الصادق عليهالسلام يعرض عليه الصلح ، لكن محمد رفض ذلك ، وسرعان ما ارسل مدد جديد للجلودي ، حيث حوصر الثائر محمد ، وانصاره في جبل كان هناك ، ودام الحصار ثلاثة ايام سرعان ما نفد ما معهم من المؤن ، وبدأ اصحابه يذهبون هنا وهناك مما حدى به الى عقد صلح امان مع الجلودي ، وقد قام هذا الاخير بأخذهم اسارى الى المأمون ، وكان والياً في خراسان ، وهناك مات هذا الثائر صبراً ، وهو حرٌ ، وقد شيعه المأمون اثناء دفنه ، وكان هارون العباسي قد ابلغ الجلودي ان يهاجم دور آل ابي طالب بالمدينة ، وان يسلب نسائهم ، ففعل الجلودي ذلك.
وحين توجه الى دار ابي الحسن الرضا عليهالسلام وهجم على البيت فتصدى له الامام عليهالسلام وامره بالبقاء خارج البيت على ان يعطيه ما يريد ، وفعلاً سلمه الامام عليهالسلام كل الحُلي والثياب التي بحوزة العلويات ، ولم يترك سوى شيئاً يسيراً ، وهو يتجلد صبراً بما فعل الظالمون ، وكم عانى الامام الرضا عليهالسلام من هذه الحادثة ، واصابته الآلام على اثرها ، لكن الله سبحانه كان بالمرصاد للظالمين ، اذ سرعان ما وصلت ولاية العهد للامام الرضا عليهالسلام وكان المأمون آنذاك غاضباً على الجلودي لأمرٍ ما ، فأدخل الجلودي على المأمون ، وكان الرضا عليهالسلام جالساً ، ولما كان اهل البيت عليهمالسلام اهل عفو وتسامح ، وهذا هو ديدنهم ، فقد همس الامام بأذن المأمون بالعفو عنه ، فظن الجلودي ان الامام يُشير على المأمون بقتله ، فقال الجلودي للمأمون : بالله عليك لا تسمع كلامه ، وهنا قال المأمون : والله سوف لا اسمع كلامه اذ امرني بالعفو عنك ، وسرعان ما قتله ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ).
مقاتل الطالبين / ٣٥٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٤٨.