__________________
=
ثانياً : محاصرة الامام الرضا عليهالسلام في البلاط ، وبالتالي تحجيم دوره العلمي ، والديني ، والسياسي ، ومعرفة قواعده ، وانصاره ، وتحركاته.
ثالثاً : التمويه على الناس ان المامون العباسي شيعي الهوى والتوجه ، ومحباً لأهل البيت عليهمالسلام اضافة الى ما رافق هذا من اعلام مضلل عملت سلطته آنذاك على نشره بين الناس.
رابعاً : اعادة السيطرة والقوة لسلطته المهتزة وبالتالي انهاء خصومه من غير العلويين.
خامساً : تشويه سمعة الامام الرضا عليهالسلام من اشراكه بالسلطة ، وانه رجل دنيوي راغب فيها ، بدليل قبولها على حساب ما اشيع عنه وعن اهل البيت عليهمالسلام كونهم زاهدين بالدنيا ، اضافة الى ان تواجد الامام عليهالسلام تحت نظر السلطة مما يعطيه فرصة في اي لحظة للقضاء عليه متى شاء.
كل هذه العوامل هي التي اوحت للمأمون اسناد ولاية العهد للامام عليهالسلام لا ما يقوله الآخرون ، ومنهم السيوطي حيث يقول :
وفي سنة ٢٠١ هـ خلع المأمون اخاه من ولاية العهد وجعلها لعلي الرضا ، وقد حمله على ذلك افراطه في التشيع وميله لأهل البيت. تاريخ الخلفاء / ٣٠٧.
او كما قال ابن الاثير في الكامل : وكان المأمون شديد الميل للعلويين ، والاحسان اليهم ، ومنها اسناد ولاية العهد لكبيرهم الامام الرضا عليهالسلام وكان قد فعل ذلك طبعا لا تكلفاً.
وقد ذكر المستشرق النمساوي دونا لدسون ، حول غاية استمالة الخليفة المأمون من الامام عليهالسلام حيث يقول : كان الخليفة العباسي غير واثق من ميل الناس له في العراق ، وخاصة العلويين ، ففكر في ان يتقرب من الفئات الشيعية الكثيرة ، ولا سيما الثائرة منها بتعيين الامام علي الرضا عليهالسلام خلفاً له في الخلافة.
وقال ايضا : « جاهد الامام الرضا في تفهيم الناس بان ولاية العهد لم تكن تتفق مع رغبته وانما كان يفعل ذلك بموجب ما دعي اليه وأكره عليه ». عقيدة الشيعة / ١٦١
ومما يؤكد ذلك أن المتأمل في سلوك المأمون باسناد ولاية العهد للامام الرضا عليهالسلام فهل من العقل ما يستوجب التصديق ان المامون المحب لدنياه الذي قتل اخاه الامين أشد قتلة ، والمنغمر هو في طلب الرئاسة ، وحب الدنيا والجاه ، ان يدعو مثل هذا المأمون من خلع نفسه وابنه من الخلافة ، واسنادها الى الامام الرضا عليهالسلام.
فالمسألة اذاً مسألة سياسية ، والمأزق الذي كان يعانيه المأمون مأزق فكري سياسي ، وكان لا بد له من معالجته بأدوات فكرية سياسية ، وهذا الذي حدث.