فلا تَفرّقوا عليه بعدي |
|
فتهلكوا نحساً بغير سعدِ |
ولا ترونه سواها أخرى |
|
لأنهُ سوف يَغيبُ دَهرا (١) |
__________________
(١) لا شك ولا ريب أن الامام العسكري عليهالسلام كان على علمٍ بتعلّق الارادة الالهية بغيبة ولده المهدي (عج) من بعده ، ثم ظهوره ليقيم دولة العدل في الارض ، وهذا الامر إنما يُلقي على عاتقه مسؤولية التمهيد لهذه الغيبة والاعداد لها عملياً ، كون الامة آنذاك لم تعرف هذا الامر من قبل رغم معرفتها له نظرياً عن طريق النبي صلىاللهعليهوآله والائمة عليهمالسلام من خلال أقوالهم والتي روتها كتب جمهور المسلمين ، لذلك عمد الامام العسكري عليهالسلام رغم قسوة الوضع السياسي آنذاك الى ربط الامة بهذه الفكرة عملياً ، وذلك عن طريق إقناعهم أولاً بفكرة ولادته ، ثم مهد لذلك الامر بعد ذلك الى إقناعهم بغيبته ، وقد سلك لهذه الامر عن طريق جملة من الاجراءات يُمكن تلخيصها بما يلي :
ـ التمويه على السلطات الحاكمة وأجهزتها داخل المجتمع بشأن ولادته ، لا سيما وأن السلطات كانت عارفة بأن هناك مَن سيُنهي طغيانها ووجودها بظهور هذا المخلّص الاعظم وهو من ذريته ، لذلك عمد الامام الى إخفاء ولادته والتكتّم عليه بأقصى درجات الحيطة والحذر ، ولم يصدر أو يصرّح بأي شيء لهذه الولادة الّا لخُلّص شيعته ، وبهذا الصدد يقول الشيخ الطبرسي : وكان العسكري قد أخفى مولد ولده المهدي لشدة طلب السلطان له ، وإجتهاده في البحث عن أمره ، فلم يره إلّا الخواص من شيعته. اعلام الورى ٢ / ١٥١.
ـ اعلانه بعرضه عليهالسلام على الخواص من شيعته ومَن يأمن به حتى يكون الامر معلوماً وليس أسطورة كما يتبادر الى الاذهان ، وفي هذا المجال كان العسكري عليهالسلام يبثُّ بين خواصه وشيعته صفات ولده المهدي ، وماذا سيفعل اذا خرج بعد غيبته الكبرى.
ـ مهّد الامام العسكري عليهالسلام
لغيبة ولده ، ثم قيامه بعدّة إجراءات ، ومنها مسألة الاحتجاب عن الناس ، وكذلك عمله بنظام الوكلاء ـ كما مر ذكره ـ وهذا الاجراء إنما هو تمهيد مسبّق كما سيمرّ به ولده من بعده من غيبةٍ صغرى وعمله بنظام السفراء. قال الصدوق بسند متصل الى أبي غانم الخادم قال : لمّا ولد لأبي محمد عليهالسلام ولدً سمّاه محمد ، ثم عرضه على أصحابه في اليوم الثالث وقال لهم : هذا صاحبكم من
=