لبّيكَ يا خيرَ الورى جميعا |
|
غرست في قلوبنا الربيعا |
فقال بعد ذاك : يا قوم اسمعوا |
|
اذ عدت ما ترونني سأصنعُ |
قالوا : أخٌ نعرفهُ كريما |
|
مصدّقاً برّاً بنا رحيما |
قال : اذهبوا فأنتم طُلقا |
|
فقد عفوت عنكم ما سبقا |
ودخلوا في دينه أفواجا |
|
وملأوا الاقطارَ والفجاجا |
وبعدها توجه (النبيُّ) |
|
ليثربٍ وامرُهُ قويُّ (١) |
__________________
(١) حدث في السنة الثامنة من الهجرة ان نقضت قريش بنود صلح حديبية ، فقرر الرسول صلىاللهعليهوآله ان يغزو قريشاً لمخالفتها المعاهدة ، وسار في عشرة آلاف مقاتل نحو مكة ، وعسكر الجيش حول مكة ، فانهارت قريش وتداعت قواها ، خصوصاً بعد استسلام ابي سفيان وخضوعه بين يدي الرسول ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله قولته التاريخية : « من دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل بيت ابي سفيان فهو آمن ».
ودخل المسلمون مكة فاتحين ، من دون قتال. وقد امر الرسول صلىاللهعليهوآله الامام علي عليهالسلام فأزال الاصنام من الكعبة. وبذلك تحقق النصر الالهي الكبير للرسالة الاسلامية حين دخل الناس في دين الله افواجا وخطب رسول الله صلىاللهعليهوآله خطابه التأريخي في المسجد حيث قام على باب الكعبة فقال : لا اله الا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الاحزاب وحده ، ألا كل مأثرةٍ او دمٍّ او مال يُدعى فهو تحت قدميَّ هاتين الا سدانة البيت وسقاية الحاج ، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ، ففيه الديةُ مغلظة ، مائة من الابل ، اربعون منها في بطونها اولادها. يا معشر قريش ، ان الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم ، وآدم من تراب ، ثم تلا هذه الآية : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى? وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ).
ثم قال : يا معشر قريش ، ما ترون اني فاعل فيكم ؟ قالوا : خيراً ، اخ كريم ، وابن اخ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء.
ثم جلس رسول الله صلىاللهعليهوآله في المسجد ، فقام اليه علي ابن ابي طالب ومفتاح الكعبة في يده ، فقال : يا رسول الله ، اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « أين عثمان ابن طلحة ؟ فدُعي له ، فقال : هاك مفتاحك يا عثمان ، اليوم يومُ برٍّ ووفاء »
سيرة ابن هشام ٤ / ٤٦ وتاريخ الطبري ٢ / ٣٣١ وتاريخ ابن الاثير ٢ / ٢٤٥.