__________________
=
فلما رأى كعب بن مالك وصاحباه ما قد حل بهم قالوا : ما يقعدنا بالمدينة ولا يكلمنا رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا اخواننا ولا اهلونا ؟ فهلموا نخرج الى هذا الجبل فلا نزال فيه حتى يتوب الله علينا او نموت. فخرجوا الى ذباب ـ جبل بالمدينة ـ فكانوا يصومون وكان اهلوهم يأتونهم بالطعام فيضعونه ناحية ثم يولون عنهم ولا يكلمونهم.
فبقوا على هذا اياماً كثيرة يبكون بالليل والنهار ويدعون الله ان يغفر لهم فلما طال عليهم الامر قال لهم كعب : يا قوم قد سخط الله علينا ورسوله ، وقد سخط علينا اهلونا ، واخواننا قد سخطوا علينا فلا يكلمنا احد ، فلِمَ لا يسخط بعضنا على بعض ؟ فتفرقوا في الجبل وحلفوا ان لا يكلم احد منهم صاحبه حتى يموت او يتوب الله عليه فبقوا على ذلك ثلاثة ايام ، وكل واحد منهم في ناحية من الجبل لا يرى احد منهم صاحبه ولا يكلمه ، فلما كان في الليلة الثالثة ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله في بيت ام سلمة نزلت توبتهم على رسول الله صلىاللهعليهوآله قوله تعالى : ( لَّقَد تَّابَ اللَّـهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ )
قال الامام الصادق عليهالسلام هكذا نزلت وهو ابو ذر وابو خيثمة وعمير بن وهب الذين تخلفوا ثم لحقوا برسول الله صلىاللهعليهوآله.
ثم قال في هؤلاء الثلاثة : « وعلى الثلاثة الذين خلفوا » فقال العالم ـ يعني الامام موسى بن جعفر عليهالسلام ـ انما انزل : على الثلاثة الذين خالفوا ولو خلّفوا لم يكن عليهم عيب « حتى اذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت » حيث لا يكلمهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا اخوانهم ولا اهلوهم فضاقت عليهم المدينة حتى خرجوا منها وضاقت عليهم انفسهم حيث حلفوا ، لا يكلم بعضهم بعضاً فتفرقوا وتاب الله عليهم لما عرف من صدق نياتهم.
الميزان في تفسير القرآن ٩ / ٣٠٢. سيرة ابن هشام ٤ / ١٧٥.