وليس ذكره أوّلا (١) علامة كون اللفظ حقيقة فيه ، للانتقاض (٢) (*) بالمشترك.
وكون (٣) موارد الحاجة إلى قول اللغوي أكثر من أن تحصى ،
______________________________________________________
الحقائق عن المجازات ، وعدم وضعها له دليل على عدم اطلاعه بالأوضاع.
(١) إشارة إلى وهم ودفعه ، أما الوهم فهو : أن اللفظ إذا كان له معنى حقيقي ومجازي ، فما يذكره اللغوي أوّلا هو المعنى الحقيقي ، فتقديم أحد المعنيين أو المعاني بالذكر علامة كونه هو المعنى الحقيقي.
وأما الدفع ، فهو : أن ذكر أحد المعاني أوّلا ليس علامة كون اللفظ حقيقة فيه ومجازاً في سائر المعاني ، لانتقاضه بالمشترك ، إذ من المسلّم أن جميع المعاني المذكورة له قد وضع بإزائها اللفظ ، فلو كان المذكور أوّلا هو المعنى الحقيقي لزم أن يكون ما عداه من المعاني الموضوع لها اللفظ المشترك مجازات ، وهذا خلاف ما تسالموا عليه من وضع اللفظ بإزاء جميع المعاني. وعليه فلا يمكن الالتزام بأن المعنى المذكور أوّلا هو المعنى الحقيقي حتى يكون اللغوي لأجله عالماً بالأوضاع مضافاً إلى علمه بموارد الاستعمال.
(٢) تعليل لقوله : «ليس» وقد عرفت توضيحه. وضميرا «ذكره ، فيه» راجعان إلى المعنى.
(٣) هذا هو الدليل الخامس على حجية قول اللغوي ، وحاصله : التمسك بدليل الانسداد ، بتقريب : أن باب العلم والعلمي بتفاصيل اللغات منسد ،
__________________
(*) هذا النقض غير وارد ، إذ للقائل بعلاميته أن يقول باختصاص أماريته بحال الجهل ، وأما مع العلم بتعدد الوضع والاشتراك اللفظي فليس ذكره أوّلا علامة الوضع ، فالأولى منع العلامية لعدم الدليل عليها.