لما دنا الوقت لم تخلف له عدة |
|
وكلّ شيء لميقات وميعاد (١) |
إن يخلعوا فبنوا العباس قد خلعوا |
|
وقد خلت قبل حمص أرض بغداد (٢) |
حموا حريمهم حتى إذا غلبوا |
|
سيقوا على نسق في حبل مقتاد |
وأنزلوا عن متون الشهب واحتملوا |
|
فويق دهم لتلك الخيل أنداد |
وعيث في كلّ طوق من دروعهم |
|
فصيغ منهنّ أغلال لأجياد |
نسيت إلّا غداة النهر كونهم |
|
في المنشآت كأموات بألحاد |
والناس قد ملؤوا العبرين واعتبروا |
|
من لؤلؤ طافيات فوق أزباد |
حطّ القناع فلم تستر مخدّرة |
|
ومزّقت أوجه تمزيق أبراد |
حان الوداع فضجّت كلّ صارخة |
|
وصارخ من مفدّاة ومن فاد (٣) |
سارت سفائنهم والنّوح يصحبها |
|
كأنها إبل يحدو بها الحادي (٤) |
كم سال في الماء من دمع وكم حملت |
|
تلك القطائع من قطعات أكباد |
انتهى ما قصد جلبه من كلام الفتح رحمه الله تعالى وسامحه!
وقال ابن اللبانة في كتاب «نظم السلوك ، في مواعظ الملوك ، في أخبار الدولة العبادية» إنّ طائفة من أصحاب المعتمد خامرت عليه ، فأعلم باعتقادها ، وكشف له عن مرادها ، وحضّ على هتك حرمها ، وأغري بسفك دمها ، فأبى ذلك مجده الأثيل ، ومذهبه الجميل ، وما خصّه الله تعالى به من حسن اليقين ، وصحّة الدين ، إلى أن أمكنتهم الغرة فانتصروا ببغاث مستنسر (٥) ، وقاموا بجمع غير مستبصر ، فبرز من قصره ، متلافيا لأمره ، عليه غلالة ترفّ على جسده ، وسيفه يتلظّى في يده : [الوافر]
كأن السيف راق وراع حتى |
|
كأنّ عليه شيمة منتضيه |
كأنّ الموت أودع فيه سرّا |
|
ليرفعه إلى يوم كريه |
فلقي على باب من أبواب المدينة فارسا مشهورا بنجدة ، فرماه الفارس برمح التوى على
__________________
(١) في ب ، ه : «لميقات وميعاد».
(٢) حمص : هنا إشبيلية.
(٣) في أ: «من مغدّات». وهو خطأ. والتصويب من ب.
(٤) الحادي : سائق الإبل.
(٥) أراد بضعيف يتصنع القوة ، وقد استفاد من المثل «إن البغاث بأرضنا تستنسر».