شامة كبيرة ، وكانت حاضنته عجمية ، فإذا لاعبته قالت : رشاطة ، وكثر ذلك منها ، فقيل له : الرشاطي ، انتهى ملخصا من «وفيات الأعيان» ، وبعضه بالمعنى.
وبعد أخذ النصارى المرية هذه المرة رجعت إلى ملك المسلمين ، واستنقذها الله تعالى على يد الموحدين ، وبقيت بأيدي أهل الإسلام سنين ، وكان أول الولاة عليها حين استولى عليها أمير المسلمين عبد المؤمن بن علي رجلا يقال له يوسف بن مخلوف فثار عليه أهل المرية ، وقتلوه ، وقدموا على أنفسهم الرميمي ، فأخذها النصارى منه عنوة كما ذكرنا ، وأحصى عدد من سبي من أبكارها فكان أربعة عشر ألفا.
وقال ابن حبيش آخر الحفاظ بالأندلس : كنت في قلعة المرية لما وقع الاستيلاء عليها أعادها تعالى للإسلام ، فتقدّمت إلى زعيم الروم السليطين ، وهو ابن بنت الأذفونش ، وقلت له : إني أحفظ نسبك منك إلى هرقل ، فقال لي : قل ، فذكرته له ، فقال لي : اخرج أنت وأهلك ومن معك طلقاء بلا شيء.
وابن حبيش (١) شيخ ابن دحية وابن حوط الله وأبي الربيع الكلاعي ، رحمهم الله تعالى!.
ولما أخذت المرية أقبل إليها السيدان أبو حفص وأبو سعيد ابنا أمير المؤمنين فحصرا النصارى بها (٢) ، وزحف إليهما أبو عبد الله بن مردنيش ملك شرق الأندلس محاربا لهما ، فكانا يقاتلان النصارى والمسلمين داخلا وخارجا ، ثم رأى ابن مردنيش العار على نفسه في قتالهم مع كونهم يقاتلون النصارى ، فارتحل ، فقال النصارى : ما رحل ابن مردنيش إلا وقد جاءهم مدد ، فاصطلحوا ودخل الموحدون المدينة ، وقد خربت وضعفت ، إلى أن أحيا رمقها الرئيس (٣) أبو العباس أحمد بن كمال ، وذلك أن أخته أخذت سبيّة في دخلة عبد المؤمن لبجانة (٤) ، فاختلت بقصره واعتنت بأخيها ، فولاه بلده ، فصلح به حالها ، وكان جوادا حسن المحاولة كثير الرفق ، واشتهر من ولاتها في مدة بني عبد المؤمن في المائة السابعة الأمير أبو عمران بن أبي حفص عم ملك إفريقية أبي زكريا.
ولما كانت سنة خمس وعشرين وستمائة وثارت الأندلس على مأمون بني عبد المؤمن
__________________
(١) ابن حبيش : هو الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن الأنصاري نزيل مرسية توفي سنة ٥٨٤ ه. انظر تذكرة الحفاظ ١٣٥٣.
(٢) في ه «فحصر النصارى بها».
(٣) في ه «الرائس».
(٤) في بعض النسخ «لبجاية».