إذ كان يعشي ناظري |
|
لمع الأسنّة والبواتر (١) |
ويصمّ أسماعي بها |
|
قرع الحجارة بالحوافر |
وهي الحضيض سهولة |
|
لكن ثبتّ بها مخاطر |
هبني أسأت كما أسأ |
|
ت أما لهذا العتب آخر |
هب زلّتي لبنوّتي |
|
واغفر فإنّ الله غافر |
فقربه وأدناه ، وصفح عما كان جناه ، ولم تزل الحال آخذة في البوار (٢) ، والأمور معتلة اعتلال حبّ الفرزدق للنّوار (٣) ، حتى مضوا لغير طيّة ، وقضوا بين الصوارم والرماح الخطّيّة ، حسبما سردناه ، وعلى ما أوردناه ، وإذا أراد الله سبحانه إنفاد أمر سبق في علمه ، فلا مرد له ولا معقّب لحكمه ، ولا إله إلا هو رب العالمين ، انتهى كلام الفتح.
وعلى الجملة فكانت دولة بني عباد بالأندلس من أبهج الدول في الكرم والفضل والأدب ، حتى قال ابن اللبانة رحمه الله تعالى : إن الدولة العبّادية بالأندلس أشبه شيء بالدولة العباسية ببغداد ، سعة مكارم ، وجمع فضائل ، ولذلك ألف فيها كتابا مستقلا سماه «الاعتماد ، في أخبار بني عباد» ولا يلتفت لكلب عقور نبح بقوله : [البسيط]
ممّا يزهّدني في أرض أندلس |
|
أسماء معتضد فيها ومعتمد |
ألقاب مملكة في غير موضعها |
|
كالهرّ يحكي انتفاخا صورة الأسد |
لأن هذه مقالة متعسف كافر للنعم ، ومثل ذلك في حقهم لا يقدح ، وما زالت الأشراف تهجى وتمدح.
وللمعتمد أولاد ملوك منهم المأمون والرشيد والراضي والمعتمد وغيرهم ، وقد سردنا خبر بعضهم.
وكان الداني المذكور مائلا إلى بني عباد بطبعه ، إذ كان المعتمد هو الذي جذب بضبعه ، وله فيه المدائح الأنيقة ، التي هي أذكى من زهر الحديقة ، فمن ذلك قوله من قصيدة يمدحه بها ويذكر أولاده الأربعة ، الذين عمروا من المجد أربعه (٤) ، وهم الرشيد عبيد الله والراضي يزيد
__________________
(١) يعشي ناظري : يضعفه.
(٢) البوار : الهلاك ، الكساد.
(٣) الفرزدق : هو الشاعر الأموي المعروف. والنوار زوجته. طلقها وبقي يذكرها في شعره دون جدوى.
(٤) أربعه : جمع ربع وهو الدار وما حولها.