فعساك يا أبتي تعرّفني به |
|
إن كان ممن يرتجى لوداد |
وعسى رميكية الملوك بفضلها |
|
تدعو لنا باليمن والأسعاد |
فلما وصل شعرها لأبيها وهو بأغمات ، واقع في شراك الكروب والأزمات ، سرّ هو وأمها بحياتها ، ورأيا أن ذلك للنفس من أحسن أمنياتها ، إذ علما مآل أمرها ، وجبر كسرها ، إذ ذاك أخف الضررين ، وإن كان الكرب قد ستر القلب منه حجاب رين (١) ، وأشهد على نفسه بعقد نكاحها من الصبي المذكور ، وكتب إليها أثناء كتابه ما يدل (٢) على حسن صبره المشكور : [السريع]
بنيتي كوني به برّة |
|
فقد قضى الدّهر بإسعافه (٣) |
وأخبار المعتمد بن عباد ، تذيب الأكباد ، فلنرجع إلى ذكر نساء الأندلس فنقول :
ومنهنّ حفصة بنت حمدون (٤) من وادي الحجارة ، ذكرها في «المغرب» وقال : إنها من أهل المائة الرابعة ، ومن شعرها :
رأى ابن جميل أن يرى الدهر مجملا |
|
فكلّ الورى قد عمهم سيب نعمته |
له خلق كالخمر بعد امتزاجها |
|
وحسن فما أحلاه من حين خلقته |
بوجه كمثل الشمس يدعو ببشره |
|
عيونا ويعشيها بإفراط هيبته |
ولها أيضا (٥) : [الخفيف]
لي حبيب لا ينثني لعتاب |
|
وإذا ما تركته زاد تيها |
قال لي هل رأيت لي من شبيه |
|
قلت أيضا وهل ترى لي شبيها |
ولها تذم عبيدها : [السريع]
يا ربّ إني من عبيدي على |
|
جمر الغضا ، ما فيهم من نجيب |
إما جهول أبله متعب |
|
أو فطن من كيده لا يجيب |
وقال ابن الأبار : إنها كانت أديبة عالمة شاعرة ، وذكرها ابن فرج صاحب «الحدائق» وأنشد لها أشعارا منها قولها : [مجزوء الكامل]
__________________
(١) الرين : هنا الحزن.
(٢) في ب ، ه «مما يدل على صبره المشكور».
(٣) في أ«فقد قضى الوقت بإسعافه».
(٤) انظر ترجمة حفصة بنت حمدون في المغرب ٢ : ٣٧.
(٥) «أيضا» ساقطة من ب.