ويغزو أبو يعقوب في شنت ياقب |
|
يعيد عميد الكافرين عميدا (١) |
ويلقي على إفرنجهم عبء كلكل |
|
فيتركهم فوق الصّعيد هجودا (٢) |
يغادرهم جرحى وقتلى مبرّحا |
|
ركوعا على وجه الفلا وسجودا |
ويفتك من أيدي الطغاة نواعما |
|
تبدّلن من نظم الحجول قيودا |
وأقبلن في خشن المسوح وطالما |
|
سحبن من الوشي الرّقيق برودا |
وغبّر منهن التراب ترائبا |
|
وخدّد منهنّ الهجير خدودا (٣) |
فحقّ لدمعي أن يفيض لأزرق |
|
تملّكها دعج المدامع سودا |
ويا لهف نفسي من معاصم طفلة |
|
تجاور بالقدّ الأليم نهودا (٤) |
ويا أسفي ما إن يزال مردّدا |
|
على شمل أعياد أعيد بديدا |
وآها بمد الصوت منتحبا على |
|
خلوّ ديار لو يكون مفيدا (٥) |
وقال في آخرها ، وهو مما استحسنه الناس :
حملت إليه من نظامي قلادة |
|
يلقبها أهل الكلام قصيدا |
غدت يوم إنشاد القريض وحيدة |
|
كما قصدت في المعلوات وحيدا |
ولما تمهدت الأندلس لعبد المؤمن وبنيه كان لهم فيها وقائع مع عدوّ الدين ، واجتاز إليها عبد المؤمن ، ثم لما ولي بعده ملكه ابنه يوسف ، دخل الأندلس سنة ٥٦٦ ، وفي صحبته مائة ألف فارس من المغرب (٦) والموحّدين ، فنزل بإشبيلية ، فخافه الأمير أبو عبد الله محمد بن سعد بن مردنيش صاحب شرق الأندلس مرسية وأعمالها وما انضاف إليها ، فحمل على قلبه ، فمرض ، فمات ، وشرع السلطان يوسف في استرجاع بلاد المسلمين من أيدي الفرنج ، فاتسعت مملكته بالأندلس ، وأغارت سراياه على طليطلة إذ هي قاعدة ملكهم ، ثم إنه حاصرها ، فاجتمعت طائفة الفرنج عليه ، واشتد الغلاء في عسكره ، فرحل عنها ، وعاد إلى حضرة ملكه مراكش المحروسة.
__________________
(١) العميد : الشديد الحزن.
(٢) الكلكل : الصدر. وهجودا : نوما.
(٣) الترائب : موضع القلادة من الصدر ، وخدّد : قلّص ، شنّج ، قبّض. والهجير : شدة الحر.
(٤) الطّفلة ـ بفتح الطاء وسكون الفاء : الرخصة الناعمة.
(٥) في ب «وآها تمد الصوت».
(٦) في ب «من العرب الموحدين».