وذلك في مجلس واحد في (١) ذي القعدة سنة ٧٥٦ ، بالجامع الأموي بدمشق المحروسة فإن رأى رواية ذلك عني فله علو الرأي في تشريفي بذلك ، وكتبه خليل بن أيبك الصفدي الشافعي عفا الله عنه! انتهى.
وكان السلطان أبو الحسن المريني المذكور كتب ثلاثة مصاحف شريفة بخطه ، وأرسلها إلى المساجد الثلاثة التي تشدّ إليها الرحال (٢) ، ووقف (٣) عليها أوقافا جليلة كتب توقيعه سلطان مصر والشام بمسامحتها من إنشاء الأديب الشهير جمال الدين بن نباتة المصري ، ونص ما يتعلق به الغرض منه هنا قوله : وهو الذي مدّ يمينه بالسيف والقلم فكتب في أصحابها ، وسطر الختمات الشريفة فأيّد الله حزبه بما سطر من أحزابها ، واتصلت (٤) ملائكة النصر بلوائه تغدو وتروح ، وكثرت فتوحه لأملياء الغرب (٥) فقالت أوقاف الشرق : لابد للفقراء من فتوح ، ثم وصلت ختمات شريفة كتبها بقلمه المجيد المجدي ، وخطّ سطورها بالعربي وطالما خط في صفوف الأعداء بالهندي (٦) ، ورتب عليها أوقافا تجري أقلام الحساب (٧) في إطلاقها وطلقها ، وحبس أملاكا شامية تحدث بنعم الأملاك التي سرت من مغرب الأرض إلى مشرقها ، والله تعالى يمتع من وقف هذه الختمات بما سطر له في أكرم الصحائف ، وينفع الجالس من ولاة الأمور في تقريرها ويتقبل من الواقف ، انتهى.
قلت : وقد رأيت أحد المصاحف المذكورة ، وهو الذي ببيت المقدس ، وربعته في غاية الصنعة.
وقال بعض المشارقة في حق السلطان أبي الحسن ، ما صورته : ملك أضاء المغرب بأنوار هلاله ، وجرت إلى المشرق أنواء نواله ، وطابت نسماته ، واشتهرت عزماته ، كان حسن الكتابة ، كثير الإنابة ، ذا بلاغة وبراعة ، وشهامة وشجاعة ، كتب بخطه ثلاثة مصاحف ووقفها على المساجد الثلاثة ، أقام في الملك عشر سنين وسبعة أيام ، ثم صرف بولده أبي عنان بعد حروب يطول شرحها ، انتهى من كتاب نزوهة الأنام.
ولما ذكر الإمام الخطيب أبو عبد الله بن مرزوق في كتابه «المسند الصحيح الحسن ، من
__________________
(١) في ه «في مجلس في واحد من ذي القعدة».
(٢) هي المسجد الحرام ، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة ، والمسجد الأقصى.
(٣) في ب «وأوقف عليها».
(٤) في ب ، ه «واتصلت أخبار ملائكة النصر».
(٥) أملياء : جمع ملى.
(٦) الهندي : السيف المصنوع في الهند.
(٧) في ب ، ه «أقلام الحسنات».