القسطنطينية العظمى وإلى مصر والشام وغيرها من بلاد الإسلام ، وهم لهذا العهد على ما وصف ، والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
والسلطان المذكور الذي أخذت على يده غرناطة هو أبو عبد الله محمد الذي انقرضت بدولته مملكة الإسلام بالأندلس ، ومحيت رسومها ، ابن السلطان أبي الحسن ابن السلطان سعد ابن الأمير علي ابن السلطان يوسف ابن السلطان محمد الغني بالله ، واسطة عقدهم ، ومشيد مبانيهم الأنيقة ، وسلطان دولتهم على الحقيقة ، وهو المخلوع الوافد على الأصقاع المرينية بفاس ، العائد منها لملكه في أرفع الصنائع الرحمانية العاطرة الأنفاس ، وهو سلطان لسان الدين ابن الخطيب ، وقد ذكرنا جملة من أخباره في غير هذا الموضع ، ابن السلطان أبي الحجاج يوسف ابن السلطان إسماعيل قاتل سلطان النصارى دون بطرة بمرج غرناطة ابن فرج [بن إسماعيل](١) بن يوسف بن نصر بن قيس ، الأنصاري ، الخزرجي ، رحمهم الله تعالى جميعا!.
وانتهى السلطان المذكور بعد نزوله بمليلة إلى مدينة فاس بأهله وأولاده معتذرا عما أسلفه ، متلهفا على ما خلفه ، وبنى بفاس بعض قصور على طريق بنيان الأندلس ، رأيتها ودخلتها ، وتوفي رحمه الله تعالى بفاس عام أربعين وتسعمائة ، ودفن بإزاء المصلّى خارج باب الشريعة ، وخلف ولدين اسم أحدهما يوسف والآخر أحمد ، وعقب هذا السلطان إلى الآن بفاس (٢) ، وعهدي بذريته بفاس [إلى الآن](٣) سنة ١٠٣٧ (٤) ، يأخذون من أوقاف الفقراء والمساكين ، ويعدّون من جملة الشحاذين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقد رأيت أن أذكر هنا الرسالة التي كتب بها المخلوع المذكور إلى سلطان فاس الشيخ الوطاسي ، وهي من إنشاء الكاتب المجيد البارع البليغ أبي عبد الله محمد بن عبد الله العربي العقيلي رحمه الله تعالى وسماها «بالروض العاطر الأنفاس ، في التوسل إلى المولى الإمام سلطان فاس» ونصها بعد الافتتاح : [البسيط]
مولى الملوك ملوك العرب والعجم |
|
رعيا لما مثله يرعى من الذّمم |
بك استجرنا ونعم الجار أنت لمن |
|
جار الزمان عليه جور منتقم (٥) |
__________________
(١) ما بين حاصرتين ساقط من أصل ه.
(٢) في ب «بفاص إلى الآن».
(٣) ما بين حاصرتين ساقط من ب ، ه.
(٤) كذا في أصل أ، ج. وفي ب «١٠٢٧».
(٥) جار : ظلم.