حللنا دوحه فحنا علينا |
|
حنوّ المرضعات على الفطيم |
وأرشفنا على ظمإ زلالا |
|
ألذ من المدامة للنّديم |
يصد الشّمس أنّى واجهتنا |
|
فيحجبها ويأذن للنّسيم |
يروع حصاه حالية العذارى |
|
فتلمس جانب العقد النظيم |
وممن جزم بذلك الرعيني ، وقال : إن مؤرخي بلاد الأندلس (١) نسبوها لحمدة من قبل أن يوجد المنازي الذي ينسبها له أهل المشرق ، وقد رأيت أن أذكر كلامه برمته ونصه : كانت من ذوي الألباب ، وفحول أهل الآداب ، حتى إن بعض المنتحلين تعلق بهذه الأهداب ، وادعى نظم هذين البيتين ـ يعني ولما أبى الواشون ـ إلى آخره لما فيهما من المعاني والألفاظ العذاب ، وما غره في ذلك إلا بعد دارها ، وخلو هذه البلاد المشرقية من أخبارها ، وقد تلبس بعضهم أيضا بشعارها ، وادعى غير هذا من أشعارها ، وهو قولها وقانا لفحة الرمضاء واد إلى آخره ، وإن هذه الأبيات نسبها أهل البلاد للمنازي من شعرائهم (٢) ، وركبوا التعصب في جادة ادعائهم ، وهي أبيات لم يخلبها (٣) غير لسانها ، ولا رقم برديها غير إحسانها ، ولقد رأيت المؤرخين من أهل بلادنا وهي الأندلس أثبتوها لها قبل أن يخرج المنازي من العدم إلى الوجود ، ويتصف بلفظة الموجود ، انتهى.
وهو أبو جعفر الأندلسي الغرناطي ، نزيل حلب.
وحكى ابن العديم في تاريخ حلب ما نصه : وبلغني أن المنازي عمل هذه الأبيات ليعرضها على أبي العلاء المعري ، فلما وصل إليه أنشده الأبيات ، فجعل المنازي كلما أنشد (٤) المصراع الأوّل من كل بيت سبقه أبو العلاء إلى المصراع الثاني الذي هو تمام البيت كما نظمه ، ولما أنشده قوله :
نزلنا دوحه فحنا علينا
قال أبو العلاء :
حنوّ الوالدات على الفطيم
فقال المنازي : إنما قلت «على اليتيم» فقال أبو العلاء : الفطيم أحسن. انتهى.
وهذا يدل على أن الرواية عنده «حنوّ الوالدات» وقد تقدّم المرضعات ، والله تعالى أعلم.
__________________
(١) في ب ، ه «مؤرخي بلادنا».
(٢) في ه «في شعرائهم».
(٣) لم يخلبها : أراد : لم يزينها.
(٤) في ج ، ه «أنشده».