وجئتك أسأل مسترشدا |
|
فبيّن فديت لمن قد سأل |
فأجابه ابن حزم بقوله : [المتقارب]
إذا كان ما قلته صادقا |
|
وكنت تحرّيت جهد المقل |
وكان ضجيعك طاوي الحشا |
|
أعار المهاة احمرار المقل |
قريب الرضا وله غنّة |
|
تميت الهموم وتحيي الجذل |
ففي أخذ أشهب عن مالك |
|
عن ابن شهاب عن الغير قل |
بترك الخلاف على جمعهم |
|
على أنّ ذلك حلّ وبل |
ونظر الرصافي يوما إلى صبي يبكي ، ويأخذ من ريقه ويبلّ عينيه ، كي يحكي (١) أثر البكاء ، فارتجل الرصافي (٢) : [الطويل]
عذيري من جذلان يبدي كآبة |
|
وأضلعه ممّا يحاوله صفر (٣) |
أميلد ميّاس إذا قاده الصّبا |
|
إلى ملح الإدلال أيّده السّحر (٤) |
يبلّ مآقي مقلتيه بريقه |
|
ليحكي البكا عمدا كما ابتسم الزّهر (٥) |
أيوهم أنّ الدمع بلّ جفونه |
|
وهل عصرت يوما من النرجس الخمر |
وكان المذكور ـ أعني الرصافي ـ يميل في شبيبته لبعض فتيان الطلبة ، وأجمع (٦) الطلبة على أن يصنعوا نزهة بالوادي الكبير بمالقة ، فركبوا زورقا للمسير إلى الوادي ، فوافق أن اجتمع في الزورق شمل الرصافي بمحبوبه ، ثم إنّ الريح الغربية عصفت وهاج البحر ، ونزل المطر ، فنزلوا من الزورق ، وافترق شمل الرصافي من محبوبه ، فارتجل في ذلك ، ويقال : إنها من أول شعره : [مخلع البسيط]
غار بي الغرب إذ رآني |
|
مجتمع الشّمل بالحبيب |
فأرسل الماء عن فراق |
|
وأرسل الريح عن رقيب |
فلمّا سمع ذلك أستاذه استنبله ، وقال له : إنك ستكون شاعر زمانك.
__________________
(١) في ب ، ه : «كي يخفي أثر البكاء».
(٢) انظر ديوان الرصافي ص ٦٧.
(٣) صفر : أراد خالية.
(٤) أميلد : مصغر أملد ، وهو الناعم اللين من الناس والغصون.
(٥) في ه : «يبل مآقي زهرتيه بريقه».
(٦) في ه : «واجتمع الطلبة».