الله تعالى؟! تتهاونون ببيت من بيوته؟ فضحكوا منه ، واستهزءوا به ، وأهل تلك الجهة لا تحتمل شيئا من ذلك ، فصاح بفتية من العامة ، فاجتمع جمع وحملوا إلى الوالي فكان عند الوالي من عرفه ، فقتلوا جميعا ، وأمر الناصر أن يرفع عن جميع أرض قولية جميع تكاليف السلطان.
ولمّا عتب المنصور بن أبي عامر على الكاتب عبد الملك الجزيري ، وسجنه في الزاهرة ، ثم صفح عنه ، قال وكتب به إليه (١) : [السريع]
عجبت من عفو أبي عامر |
|
لا بدّ أن تتبعه منّه |
كذلك الله إذا ما عفا |
|
عن عبده أدخله الجنّه |
فاستحسن ذلك ، وأعاده إلى حاله.
وقال على لسان بهار العامرية ، وهو النرجس : [الكامل]
حدق الحسان تقرّ لي وتغار |
|
وتضلّ في وصفي النّهى وتحار |
طلعت على قضبي عيون تمائمي |
|
مثل العيون تحفّها الأشفار |
وأخصّ شيء بي إذا شبّهته |
|
درّ تمنطق سلكه دينار |
أنا نرجس ، حقّا بهرت عقولهم |
|
ببديع تركيبي فقيل بهار |
وقال في بنفسجها : [الكامل]
شهدت لنوّار البنفسج ألسن |
|
من لونه الأحوى ومن إيناعه (٢) |
بمشابه الشّعر الأحمّ أعاره ال |
|
قمر المنير الطّلق نور شعاعه (٣) |
ولربما جمد النجيع من الطّلى |
|
في صارم المنصور يوم قراعه (٤) |
فحكاه غير مخالف في لونه |
|
لا في روائحه وطيب طباعه |
وقال في القمر حين جعل (٥) يختفي بالسحاب ويبدو أمام المنصور : [الوافر]
__________________
(١) انظر المغرب ج ١ ص ٣٢١.
(٢) في ه : «من لونه الأحوى ومن أتباعه» محرف.
والأحوى : الأسود. ويراد به الشديد الخضرة.
(٣) الشعر الأحم : الأسود.
(٤) النجيع : الدم.
(٥) كلمة : «جعل» ثابتة في أ، ج فقط ، وقد أثبتناها لأن المعنى يقتضيها.