أيدها الله تعالى هي المنقذة من أسرها ، والمنفذة (١) لسلطانها مراسم نصرها ، فيتاح (٢) الأخذ بالنار ، ويزاح عن الجنة أهل النار ، ويعلم الكافر لمن عقبى الدار ، حاورت سيدي بمثار الفاجي الفاجع ، وحاولت برء الجوى من جوابه بالعلاج الناجع ، وبودّي لو تقع في الأرجاء مصاقبة ، فترفع من الإزراء معاقبة ، أليس لديه أسو (٣) المكلوم ، وتدارك المظلوم؟ وبيديه أزمّة المنثور والمنظوم ، خيال يختر في إقناع إياد ، وصوغ ما لم يخطر على قلب زيد ولا يخاطر زياد ، بسّت الجبال الطوامح (٤) ، لما بست وأبو فتحها ، وغيضت البحار الطوافح فمن يعبأ بالركايا ومتحها ، أين أبو الفضل بن العميد من العماد الفاضل؟ وصمصامة عمرو من قلمه الفاضل ، هذا مدرهها الذي فعل الأفاعيل ، وأحمدها الذي سما على إبراهيم وإسماعيل (٥) ، وهما إماما الصناعة ، وهماما البراعة واليراعة ، بهما فخر من نطق بالضاد ، وبسببهما حسدت الحروف الصاد ، لكن دفعهم بالراح ، وأعرى مدرّعهم من المراح ، وشرف دونهم ضعيف القصب على صمّ الرماح ، أبقاه الله تعالى وبيانه صادق الأنواء ، وزمانه كاذب الأسواء ، ولا زال مكانه مجاوزا ذؤابة الجوزاء ، وإحسانه مكافئا بأحسن الجزاء ، والسلام.
وقد عرفت بابن الأبار في «أزهار الرياض» بما لا مزيد عليه ، غير أني رأيت هنا أن أذكر فصولا مجموعة من كلامه في كتابه المسمى «بدرر السمط ، في خبر السبط».
قال رحمه الله تعالى : رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ، فروع النبوة والرسالة ، وينابيع السماحة والبسالة ، صفوة آل أبي طالب ، وسراة بني لؤي بن غالب ، الذين جاءهم (٦) الروح الأمين ، وحلّاهم الكتاب المبين ، فقل في قوم شرعوا الدين القيّم ، ومنعوا اليتيم أن يقهر والأيّم ، ما قدّ من أديم آدم أطيب من أبيهم طينة ، ولا أخذت الأرض أجمل من مساعيهم زينة ، لو لا هم ما عبد الرحمن ، ولا عهد الإيمان ، وعقد الأمان ، ذؤابة غير أشابة (٧) ، فضلهم ما شانه نقص ولا شابه ، سراة محلتهم سر المطلوب ، وقرار (٨) محبتهم حبّات القلوب ، أذهب الله
__________________
(١) في ب «والمنقذة لسلطانها».
(٢) في ب «فيتاح الأخذ بالثأر».
(٣) أسو المكلوم : مداواته. ووقع في أ«أسواء المكلوم».
(٤) بست الجبال : فتتت ، وفي القرآن الكريم (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا).
(٥) إبراهيم : هو أبو إسحاق الصابي. وإسماعيل : هو الصاحب بن عباد.
(٦) في ب «حباهم».
(٧) الأشابة ـ بضم الهمزة ـ الأخلاط الذين لا تمايز بينهم.
(٨) في ب ، ه «وقرارة محبتهم».