ولكم في منازل الدنيا والآخرة [سرفها](١) وشرفها ، وإليكم تساق هدايا أثنيتها (٢) وتحفكم تحفها ، وإذا وصل وفدكم الحاج ، وأثار له بوجه إقبالنا عليهم ليلهم الداج (٣) ، كانوا مقيمين تحت ظل إكرامنا ، وشمول إسعافنا لهم وإنعامنا ، يتخوّلون تحفا أنتم سببها ، ويتناولون طرفا في كؤوس الاعتناء بهم تنضد حببها ، وإذا كان أوان الرحيل إلى الحج فسحنا لهم الطريق ، وسهلنا لهم الرفيق ، وبلغناهم بحول الله تعالى مناهم من منى ، وسؤلهم (٤) ممن إذا زاروا حجرته الشريفة حازوا الراحة من العنا ، وفازوا بالغنى ، وإذا عادوا عاملناهم بكل جميل ينسيهم مشقة ذلك الدّرب ، ويخيل إليهم أن لا مسافة لمسافر بين الشرق والغرب ، وغمرناهم بالإحسان في العود إليكم ، وأمرناهم بما ينهونه (٥) شفاها لديكم ، وعناية الله تعالى تحوط ذاتكم ، وتوفر لأخذ الثار حماتكم ، وتخصكم بتأييد تنزلون روضه الأنضر ، وتجنون به ثمر النصر اليانع من ورق الحديد الأخضر ، وتتحفكم بسعد لا يبلى قشيبه ، وعز لا يمحو شبابه مشيبه ، وتحيته المباركة تغاديكم وتراوحكم ، وتفاوحكم (٦) أنفاسها المعنبرة وتنافحكم ، بمنه وكرمه ، انتهى.
ورأيت بخط منشئ هذا الجواب الصلاح الصّفدي رحمه الله تعالى أثر (٧) ذكره ما نصه : أما بعد حمد الله تعالى على نعمائه ، وصلاته على سيدنا محمد عبده ورسوله خاتم أنبيائه ، فقد قرأ الشيخ الإمام العالم العامل العلامة المفيد القدوة عز الدين أبو يعلى حمزة بن الرئيس الكبير الفاضل القاضي قطب الدين موسى بن أحمد بن شيخ السلامية الأحمدي (٨) أمتع الله بفوائده! ـ الكتاب الوارد من سلطان المغرب الملك المجاهد المرابط أبي الحسن المريني صاحب مراكش تغمده الله تعالى برحمته والجواب عنه عن السلطان الشهيد الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن السلطان الشهيد الملك الناصر محمد قدس الله تعالى روحهما من إنشائي ، وأنا أسمع ذلك جميعا من أولهما إلى آخرهما ، قراءة أطربت السمع لفصاحتها (٩) ، وأمالت العطف لرجاحتها. [السريع]
وأخجلت ورق الحمى باللّوى |
|
إن صدحت في ذروة الغصن (١٠) |
تكاد من لطف ومن رقّة |
|
تدخل في الأذن بلا إذن |
__________________
(١) ما بين المعقوفين ساقط من ب ، ه ،.
(٢) أثنية : جمع ثناء.
(٣) ليلهم الداجي : المظلم الشديد الظلمة.
(٤) في ب «وسولهم».
(٥) ينهونه : يبلغونه ويوصلونه.
(٦) في ه «وتناوحكم أنفاسها المعتبرة».
(٧) في ب «إثر ذكره».
(٨) في أصل ه «الحنبلي».
(٩) في ه «لفصاحتهما .. لرجاحتهما».
(١٠) الورق : جمع ورقاء ، وهي الحمامة.