فلا صدر إلا فيه صدر مثقّف |
|
وحول الوريد للحسام ورود (١) |
صبرنا ولا كهف سوى البيض والقنا |
|
كلانا على حرّ الجلاد جليد (٢) |
ولكن شددنا شدّة فتبلّدوا |
|
ومن يتبلّد لا يزال يحيد |
فولّوا وللسّمر الطّوال بهامهم |
|
ركوع وللبيض الرّقاق سجود |
وكان المذكور من فرسان الأندلس ، وكان ابنه الفاضل أبو محمد غير مقصر عنه فروسية وقدرا وأدبا وشعرا ، وولاه ناصر بني عبد المؤمن مدينة قصر أبي دانس في الجهة الغربية ، وقتله ابن هود بإشبيلية ، وزعم أنه يروم القيام عليه ، ومن شعره قوله في ابن عمرو صاحب أعمال إشبيلية : [الكامل]
لا تيأسنّ من الخلافة بعد ما |
|
ولي ابن عمرو خطّة الأشراف |
تبّا لدهر هذه أفعاله |
|
يضع النوافج في يدي كنّاف |
رجع : ودخل العدو كورة ماردة من محمد بن هود سنة ست وعشرين وستمائة ، وكان مفتتح المصائب على يده ، أعادها الله تعالى للإسلام! وهي قاعدة بلاد الجوف في مدة العرب والعجم ، والحضرة المستجدّة بعدها هي مدينة بطليوس ، وبين ماردة وقرطبة خمسة أيام.
وملك بطليوس وماردة وما إليها المظفر محمد بن المنصور بن الأفطس مشهور ، وهو من رجال «القلائد» و «الذخيرة» وهو أديب ملوك عصره بلا مدافع (٣) ولا منازع ، وله التصنيف الرائق ، والتأليف الفائق ، المترجم ب «التذكر المظفري» خمسون مجلدا اشتمل على فنون وعلوم من مغاز وسير ومثل وخبر وجميع علوم الأدب ، وقال يوما : والله ما يمنعني من إظهار الشعر إلا كوني لا أقول مثل قول أبي العشائر بن حمدان : [الكامل]
أقرأت منه ما تخطّ يد الوغى |
|
والبيض تشكل والأسنّة تنقط (٤) |
وقول أبي فراس ابن عمه (٥) : [الوافر]
وجرّرنا العوالي في مقام |
|
تحدّث عنه ربّات الحجال |
كأنّ الخيل تعلم من عليها |
|
ففي بعض على بعض تعالي |
فأين هذا من قولي : [الوافر]
__________________
(١) المثقف : الرمح الذي أحسن تقويمه.
(٢) البيض : السيوف والقنا : الرماح.
(٣) في ه «غير مدافع».
(٤) يد الوغى : يد الحرب.
(٥) انظر ديوان أبي فراس الحمداني ٢٨٤.