بسبب قيام ابن هود بمرسية قام في المرية بدعوة ابن هود أبو عبد الله محمد بن أبي يحيى بن الرميمي ، وجده أبو يحيى هو الذي أخذها النصارى من يده ، ولما قام بدعوة ابن هود وفد عليه بمرسية وولاه وزارته ، وصرف إليه سياسته ، وآل أمره معه إلى أن أغراه بأن يحصن قلعة المرية ، ويجعلها له (١) عدة ، وهو يبغي (٢) ذلك عدة لنفسه ، وترك ابن هود فيها جارية تعلق ابن الرميمي بها ، واجتمع معها ، فبلغ ذلك ابن هود ، فبادر إلى المرية ، وهو مضمر الإيقاع بابن الرميمي ، فتغدّى به قبل أن يتعشى به (٣) ، وأخرج من قصره ميتا ، ووجّهه في تابوت إلى مرسية في البحر ، واستبدّ ابن الرميمي بملك المرية ، ثم ثار عليه ولده ، وآل الأمر بعد أحوال إلى أن تملكها ابن الأحمر صاحب غرناطة ، وبقيت في يد أولاده بعده إلى أن أخذها العدوّ الكافر عندما طوى بساط بلاد الأندلس كما سننبه عليه ، والله غالب على أمره.
وما أحسن قول أبي إسحاق إبراهيم بن الدباغ الإشبيلي في هزيمة العقاب بإشبيلية : [الوافر]
وقائلة أراك تطيل فكرا |
|
كأنّك قد وقفت لدى الحساب |
فقلت لها أفكر في عقاب |
|
غدا سببا لمعركة العقاب |
فما في أرض أندلس مقام |
|
وقد دخل البلا من كلّ باب |
وقول القائد أبي بكر ابن الأمير ملك شلب أبي محمد عبد الله (٤) ابن وزيرها (٥) يخاطب منصور بني عبد المؤمن وقد التقى هو وأصحابه مع جماعة من الفرنج فتناصفوا ، ثم كان الظفر للمسلمين : [الطويل]
ولما تلاقينا جرى الطعن بيننا |
|
فمنّا ومنهم طائحون عديد (٦) |
وجال غرار الهند فينا وفيهم |
|
فمنّا ومنهم قائم وحصيد (٧) |
__________________
(١) في نسخة عند ه «يجعلها له مدة».
(٢) يبغي ، هنا : يريد.
(٣) هذا مثل ، والمقصود أنه عاجله بالفتك قبل أن يستطيع الفتك به.
(٤) في نسخة عند ه «أبي محمد بن عبد الله».
(٥) في ب «ابن وزير».
(٦) طائحون : هالكون.
(٧) غرار الهند : غرار السيف : حده. والهند هنا : السيف المصنوع في الهند. والقائم الذي ما يزال دون حصاد وأراد هنا : الحي. والحصيد : المحصود من الزرع وأراد : المقتول.