ومنهنّ حفصة بنت الحاج الركونية (١) الشاعرة الأديبة المشهورة بالجمال ، والحسب والمال.
ذكرها الملاحي في تاريخه ، وأنشد لها ممّا قالته في أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي ارتجالا بين يديه : [المجتث]
يا سيّد الناس يا من |
|
يؤمّل الناس رفده |
امنن عليّ بطرس |
|
يكون للدهر عدّه (٢) |
تخطّ يمناك فيه : |
|
الحمد لله وحده |
وأشارت بذلك إلى العلامة السلطانية عند الموحّدين ، فإنه كانت أن يكتب السلطان بيده بخطّ غليظ في رأس المنشور «الحمد لله وحده».
وتذكّرت بذلك ، والشيء بالشيء يذكر ، أنه لمّا قفل السلطان الناصر أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين يعقوب المنصور ابن أمير المؤمنين يوسف بن عبد المؤمن بن علي سلطان المغرب والأندلس من إفريقية سنة ثلاث وستمائة بعد فتح المهدية هنّأته الشعراء بذلك ، ثم اجتمع أبو عبد الله بن مرج الكحل بالشعراء والكتّاب ، فتذكّروا الفتح وعظمه ، فأنشدهم ابن مرج الكحل في الوقت لنفسه : [الطويل]
ولمّا توالى الفتح من كلّ وجهة |
|
ولم تبلغ الأوهام في الوصف حدّه |
تركنا أمير المؤمنين لشكره |
|
بما أودع السّرّ الإلهيّ عنده |
فلا نعمة إلّا تؤدي حقوقها |
|
علامته بالحمد لله وحده |
فاستحسن الكتّاب له ذلك ، ووقع أحسن موقع.
وحكى صاحب كتاب «روح الشعر ، وروح السحر» (٣) وهو الكاتب أبو عبد الله محمد بن الجلاب الفهري أنّ أمير المؤمنين يعقوب المنصور لمّا قفل من غزوة الأراكة المشهورة ، وكانت يوم الأربعاء تاسع شعبان سنة إحدى وتسعين وخمسمائة ، ورد عليه الشعراء من كل قطر
__________________
(١) انظر ترجمتها في الإحاطة ج ١ ص ٤٩٩.
والمغرب ج ٢ ص ١٣٨.
(٢) الطرس : الصحيفة.
(٣) في ب : «روح الشعر ، وروح الشحر».
والشحر مجرى الماء.