الأيام ، فأقسمت أنها لم تر منه خيرا قط ، فقال : ولا يوم الطين؟ فاستحيت واعتذرت ، وهذا مصداق قول نبينا صلى الله عليه وسلم في حق النساء «لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت : ما رأيت منك خيرا قط».
قلت : ولعل المعتمد أشار في أبياته الرائية إلى هذه القضية حيث قال في بناته : [البسيط]
يطأن في الطّين والأقدام حافية |
|
كأنّها لم تطأ مسكا وكافورا |
ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى ما جرت به عادة الملوك من ذرّ الطيب في قصورهم حتى يطؤوه بأقدامهم ، زيادة في التنعم.
وسبب قول المعتمد ذلك ما حكاه الفتح فقال (١) : وأول عيد أخذه ـ يعني المعتمد ـ بأغمات وهو سارح ، وما غير الشجون له مسارح (٢) ، ولازي إلّا حالة الخمول ، واستحالة المأمول ، فدخل إليه ، من يسليه ويسلم عليه (٣) ، وفيهم بناته وعليهن أطمار (٤) ، كأنها كسوف وهن أقمار ، يبكين عند التساؤل ، ويبدين الخشوع بعد التخايل ، والضياع قد غير صورهن ، وحير نظرهن ، وأقدامهن حافية ، وآثار نعيمهن عافية ، فقال : [البسيط]
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا |
|
فساءك العيد في أغمات مأسورا |
ترى بناتك في الأطمار جائعة |
|
يغزلن للنّاس ما يملكن قطميرا (٥) |
برزن نحوك للتّسليم خاشعة |
|
أبصارهنّ حسيرات مكاسيرا |
يطأن في الطين والأقدام حافية |
|
كأنّها لم تطأ مسكا وكافورا |
لا خدّ إلا تشكّى الجدب ظاهره |
|
وليس إلّا مع الأنفاس ممطورا |
أفطرت في العيد لا عادت مساءته |
|
فكان فطرك للأكباد تفطيرا (٦) |
قد كان دهرك إن تأمره ممتثلا |
|
فردّك الدهر منهيّا ومأمورا |
من بات بعدك في ملك يسرّ به |
|
فإنّما بات بالأحلام مغرورا |
__________________
(١) القلائد ص ٢٥.
(٢) في ب ، ج «وما غير الشجون له مبارح».
(٣) في ب ، ه «فدخل عليه من بنيه ، من يسلم عليه ويهنيه».
(٤) الأطمار : جمع طمر ، وهو الثوب البالي.
(٥) القطمير : الشيء الهين القليل الحقير.
(٦) في أ«لا عادت إساءته» وهي جملة دعائية. وتفطيرا : مصدر فطّر ، أي شقّ.