وله في غلام رآه يوم العروبة من ثنيّات الوغى طالعا ، ولطلى (١) الأبطال قارعا ، وفي الدماء والغا ، ولمستبشع كؤوس المنايا سائغا ، وهو ظبي قد فارق كناسه ، وعاد أسدا [قد](٢) صارت القنا أخياسه (٣) ، ومتكاثف العجاج قد مزقه إشراقه ، وقلوب الدارعين قد شكتها أحداقه ، فقال : [الكامل]
أبصرت طرفك بين مشتجر القنا |
|
فبدا لطرفي أنه فلك |
أو ليس وجهك فوقه قمرا |
|
يجلى بنير نوره الحلك |
وقال فيه : [المتقارب]
ولما اقتحمت الوغى دارعا |
|
وقنّعت وجهك بالمغفر |
حسبنا محيّاك شمس الضحى |
|
عليها سحاب من العنبر |
وقد جمح بنا القلم في ترجمة المعتمد بن عباد بعض جموح ، وما ذلك إلا لما علمنا أن نفوس الأدباء إلى أخباره رحمه الله تعالى شديدة الطموح ، وقد جعل الله تعالى له كما قال ابن الأبار في «الحلة السيراء» رقة في القلوب وخصوصا بالمغرب فإن أخباره وأخبار الرميكية إلى الآن متداولة بينهم ، وإن فيها لأعظم عبرة ، رحم الله تعالى الجميع!.
رجع إلى أخبار النساء.
ومنهن العبادية جارية المعتضد عباد (٤) ، والد المعتمد ، أهداها إليه مجاهد العامري من دانية ، وكانت أديبة ، ظريفة ، كاتبة ، شاعرة ، ذاكرة لكثير من اللغة ، قال ابن عليم في شرحه لأدب الكاتب (٥) لابن قتيبة ، وذكر الموسعة وهي خشبة بين حمالين يجعل كل واحد منهما طرفها على عنقه ، ما صورته : وبذكر الموسعة أغربت جارية لمجاهد أهداها إلى عباد كاتبة شاعرة على علماء إشبيلية وبالغرمة (٦) التي تظهر في أذقان بعض الأحداث ، وتعتري بعضهم في الخدين عند الضحك ، فأما التي في الذقن فهي النونة ، ومنه قول عثمان رضي الله تعالى عنه : رسموا (٧) نونته لتدفع العين ، وأما التي في الخدين عند الضحك فهي الفحصة ، فما كان في ذلك الوقت في إشبيلية من عرف منها واحدة.
__________________
(١) الطّلى : جمع طلية ، وهي العنق.
(٢) «قد» ساقطة من ب.
(٣) الأخياس : الشجر الكثير الملتف. مفرده خيس.
(٤) انظر الذيل والتكملة (آخر جزء الغرباء).
(٥) في ب «أدب الكتاب» وفي ه «آداب الكتاب».
(٦) في ب «وبالهزيمة التي تظهر».
(٧) كذا في ب ، والذيل. وفي أ«رسموا» وفي ه «وسموا».