كان حاضرا وأنه أملى على السفلة ما قال وصنع ، فكتب له أبو جعفر : [الخفيف]
يا سميي ، وإن أفاد اشتراك |
|
غير ما يرتضيه فضل وودّ |
أكذا يزدرى الخليل بأفق |
|
أنت فيه ولم يكن منك ردّ |
لا أرى من سلّطت وغدا ولكن |
|
ليس يخفى عليك من هو وغد |
فلمّا وقف على هذه الأبيات كتب له : يا مولاي وسيدي ، وأجلّ ذخري للزمان وعضدي ، الذي أفخر بمشاركة اسمه ، وتتيه هذه الصناعة بذكره ورسمه (١) : [الوافر]
وخير الشعر أشرفه رجالا |
|
وشرّ الشّعر ما قال العبيد |
سلام كتسنيم (٢) ، على ذلك المقام الكريم ، ورحمة الله تعالى وبركاته ، وإن كان مولاي لم يفاتحني بالسلام ، ولا رآني أهلا لمقاومة الكرام ، لكن حطّ قدري عنده ما نسب لي من الذنب المختلق ، ولا والله ما نطقت بلسان ولا كنت ممّن رمق (٣) ، بل الذي زوّر لسيدي في هذه الوشاية كان المعين (٤) عليها ، والملمّ إليها ، فبادر إليكم قبل أن أسبقه فاتّسم بأسقط خطّتين : النذالة الأولى والوشاية الأخرى ، ولو لا أنّ المجالس بالأمانات ، وأنّ الخلاعة بساط يطوى على ما كان فيه ، لكنت أسبق منه ، لكني يأبى ذلك خلقي ، وما تأدّبت به ، ومع ذلك فإني أقول : [الطويل]
فإن كنت ذا ذنب فقد جئت تائبا |
|
ومثلك غفّار ومثلك قابل |
ولولا ما أخشى من التثقيل ، وما أتوقّع من الخجل إذا التقى الوجهان ، لأتيت حتى بلغت (٥) في الاعتذار بالمشافهة ما لا يسع القرطاس ، لكنني متّكل على حلم سيدي وإغضائه ، متوسّل إليه في الغفران بعلائه ، وكتب تحت ذلك شعرا طويلا منه : [الطويل]
ولا غرو أن تعفو وأنت ابن من غدا |
|
تعوّد عفوا عن كبار الجرائم |
لكم ، آل عمّار ، بيوت رفيعة |
|
تشيّد من كسب الثنا بدعائم |
إذا نحن أذنبنا رجونا ثوابكم |
|
ولم نقتنع بالعفو دون المكارم |
وإنك فرع من أصول كريمة |
|
ولا تلد الأزهار غير الكمائم |
وإني مظلوم لزور سمعته |
|
وقد جئت أرجو العفو في زيّ ظالم |
__________________
(١) في ه : «بذكره ووسمه».
(٢) تسنيم : عين في الجنة.
(٣) رمق : نظر.
(٤) في ه : «كان العين عليها».
(٥) في ب ، ه : «حتى أبلغت ..».