الباب الثامن
ذكر تغلب العدو النصراني على الأندلس
في ذكر تغلّب العدو الكافر ، على الجزيرة بعد صرفه وجوه الكيد إليها ، وتضريبه (١) بين ملوكها ورؤسائها بمكره ، واستعماله في أمرها حيل فكره ، حتى استولى ـ دمّره الله تعالى! ـ عليها ، ومحاملها (٢) التوحيد واسمه ، وكتب على مشاهدها ومعاهدها وسمه (٣) ، وقرر مذهب التثليث (٤) ، والرأي الخبيث ، لديها ، واستغاث أهلها استغاثة ملهوف (٥) بالنظم والنثر ، أهل ذلك العصر ، من سائر الأقطار ، حتى تعذرت (٦) بحصارها ، مع قلة حماتها وأنصارها ، المآرب والأوطار ، وجاءها الأعداء من خلفها ومن بين يديها ، أعاد الله تعالى إليها كلمة الإسلام ، وأقام فيها شريعة سيد الأنام ، عليه أفضل الصلاة والسلام! ورفع يد الكفر عنها وعما حواليها! آمين ، يا معين(٧)
قال غير واحد من المؤرخين : أول من جمع فلّ النصارى بالأندلس ـ بعد غلبة العرب لهم ـ علج يقال له بلاي ، من أهل اشتوريش من [أهل](٨) جليقية ، كان رهينة عن طاعة أهل بلده ، فهرب من قرطبة أيام الحر بن عبد الرحمن الثقفي الثاني من أمراء العرب بالأندلس ، وذلك في السنة السادسة من افتتاحها ، وهي سنة ثمان وتسعين من الهجرة ، وثار النصارى معه على نائب الحر بن عبد الرحمن ، فطردوه ، وملكوا البلاد ، وبقي الملك فيهم إلى الآن وكان عدّة من ملك منهم إلى آخر أيام الناصر لدين الله اثنين وعشرين ملكا ، انتهى.
__________________
(١) ضرّب بينهم بمكره : أغرى بينهم وحرض بعضهم على بعض بمكره.
(٢) في ب «ومحامنها».
(٣) الوسم : العلامة.
(٤) مذهب التثليث : أراد النصرانية.
(٥) في ب ، ه «واستغاث أهلها استغاثة أضرابها».
(٦) في ب ، ه «حين تعذرت».
(٧) كلمة «يا معين» غير موجودة في ب.
(٨) كلمة «أهل» ساقطة من ب ، ه.