أنفت من المدام لأنّ عقلي |
|
أعزّ عليّ من أنس المدام |
ولم أرتح إلى روض وزهر |
|
ولكن للحمائل والحسام |
إذا لم أملك الشّهوات قهرا |
|
فلم أبغي الشّفوف على الأنام (١) |
وله رحمه الله تعالى : [الخفيف]
يا لحظه زد فتورا |
|
تزد عليّ اقتدارا |
فاللحظ كالسّيف أمضا |
|
ه ما يرقّ غرارا (٢) |
وابنه المتوكل من رجال «القلائد» و «المسهب» وكان في حضرة بطليوس كالمعتمد بن عباد بإشبيلية ، قد أناخت الآمال بحضرتهما ، وشدّت رحال الآداب إلى ساحتهما ، يتردد أهل الفضائل بينهما كتردد النواسم بين جنتين ، وينظر الأدب منهما عن مقلتين ، والمعتمد أشعر ، والمتوكل أكتب.
رجع : وقال الفاضل الكاتب أبو عبد الله محمد الفازازي ، وقيل : إنها وجدت برقعة في جيبه يوم موته : [الكامل]
الروم تضرب في البلاد وتغنم |
|
والجور يأخذ ما بقى والمغرم (٣) |
والمال يورد كلّه قشتالة |
|
والجند تسقط والرّعيّة تسلم |
وذوو التّعيّن ليس فيهم مسلم |
|
إلا معين في الفساد مسلّم |
أسفي على تلك البلاد وأهلها |
|
الله يلطف بالجميع ويرحم (٤) |
وقيل : إن هذه الأبيات رفعت إلى سلطان بلده ، فلما وقف عليها قال بعد ما بكى : صدق رحمه الله تعالى ، ولو كان حيا ضربت عنقه!.
وهذا الفازازي أخو الشاعر الشهير الكاتب الكبير أبي زيد عبد الرحمن الفازازي صاحب الأمداح في سيد الوجود محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو كما قال فيه بعضهم : صاحب القلم الأعلى ، والقدح المعلّى ، أبرع من ألّف وصنف ، وأبدع من قرّط وشنف ، فقد طاع القلم لبنانه ، والنظم والنثر لبيانه ، كان نسيج وحده رواية (٥) وأخبارا ، ووحيد نسجه رواية وابتكارا ، وفريد وقته خبرا وإخبارا ، وصدر عصره إيرادا وإصدارا ، صاحب فهوم ، ورافع ألوية علوم ، أما الأدب فلا يسبق فيه مضماره ، ولا يشق غباره ، إن شاء إنشاء أنشى ووشّى ، سائل الطبع ، عذب النّبع ، له في
__________________
(١) الشفوف : أراد به الظهور.
(٢) غرار السيف : حده.
(٣) بقي ، هنا بفتح القاف ، وهي لغة في بقي.
(٤) في أصل ه «أسفي على تلف البلاد وأهلها».
(٥) في ه «رؤية وأحبارا» تحريف.