حركة ، فليخرج إليه جميع الناس حتى لا يبقى منهم أحد في جميع الأقطار ، فيحاط بهم ، فإنه هالك لا محالة ، وإن يسركم الله له فغلبت الذنوب ، ورجفت بالمعاصي القلوب ، وصار كل أحد من الناس ثعلبا يأوي إلى وجاره (١) ، وإن رأى المكيدة بجاره ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وحسبنا الله ونعم الوكيل!.
ولا خفاء أن هذا كان قبل أخذ العدو الجزيرة (٢) وشرق الأندلس وسرقسطة وميورقة وغيرها مما قدمنا ذكره ، والبدايات ، عنوان على النهايات.
وقال أبو جعفر الوقشي البلنسي نزيل مالقة يمدح أمير المؤمنين يوسف ابن أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي : [الطويل]
أبت غير ماء بالنخيل ورودا |
|
وهامت به عذب الجمام برودا (٣) |
وقالت لحاديها أثمّ زيادة |
|
على العشر في وردي له فأزيدا (٤) |
غلبتك ما هذا القنوع وما أنا |
|
عهدتك لا تثنين عنه وريدا |
أنونا إذا ما كنت منه قريبة |
|
وضبّا إذا ما كان عنك بعيدا (٥) |
ردي حضرة الملك الظليل رواقه |
|
لعمري ففيها تحمدين ورودا |
بحيث إمام الدين يوسع فضله |
|
جميع البرايا مبدئا ومعيدا |
أعاد إليها الأنس بعد شروده |
|
وأحيا لنا ما كان منه أبيدا |
وليّن أيّام الزّمان بعدله |
|
وكانت حديدا في الخطوب حديدا |
فلا ليلة إلا يروقك حسنها |
|
ولا يوم إلا عاد يفضل عيدا |
ومنها يصف حال الأندلس ويبعث على الجهاد : [الجهاد]
ألا ليت شعري هل يمدّ لي المدى |
|
فأبصر شمل المشركين طريدا |
وهل بعد يقضي في النّصارى بنصرة |
|
تغادرهم للمرهفات حصيدا (٦) |
__________________
(١) الوجار : جحر الضبع وغيرها.
(٢) كلمة «الجزيرة» ثابتة في أ، ج ، وقد أثبتناها منهما.
(٣) الجمام : الكثير الماء. والبرود : البارد.
(٤) أثمّ زيادة؟ : أهناك زيادة؟.
(٥) النون : الحوت مسكنه الماء. والضب من حيوان البر.
(٦) المرهفات : السيوف الحادة.