ولما وقف عليها ابن حبيش كتب في أوّلها ما نصه : الحمد لله حق حمده ، أحسن هذا الفاضل فيما صنع أحسن الله إليه ، وبالغ فيما جمع بلغ الله تعالى به أشرف المراتب لديه ، غير أني أقول واحده ، ما سريرتي لها بجاحده ، وأصرح بمقال ، لا يسعني كتمه بحال : والله ما أنا للإجازة بأهل (١) ، ولا مرامها لديّ بسهل ، إذ من شرط المجيز أن يعد فيمن كمل ، ويعد العلم والعمل ، اللهم غفرا ، كيف ينيل (٢) من عدم وفرا ، أو يجيز من أصبح صدره من المعارف قفرا ، وصحيفته من الصالحات صفرا ، وكيف يرتسم في ديوان الجلّة ، من يتّسم بالأفعال المخلة ، ومتى يقترن الشّبه بالإبريز ، أو يوصف السكيت بالتبريز ، ومن ضعف النّهى ، مجانسة الأقمار بالسّها ، ومن أعظم التوبيخ ، تشييخ من لا يصلح للتشييخ ، وإن هذا المجموع ليروق ويعجب ، ولكنه جمع لمن لا يستوجب ، وإن القراءة قد تحصلت ، ولكن القواعد ما تأصلت ، وإن القارئ علم ، ولكن المقروء عليه عدم ، ولقد شكرت لهذا السّريّ ما جلب ، وكتبت مسعفا له بما طلب ، وقرنت إلى درّه هذا المخشلب ، قلت وحليي عطل ونطقي خطل (٣) ، مكره أخاك لا بطل ، والله سبحانه وتعالى ينفع بما أخلص له عند الاعتقاد ، ويسمح للبهرج عند الانتقاد ، كتبه العبد المذنب (٤) محمد بن الحسن بن يوسف بن حبيش اللخمي حامدا لله تعالى ومصليا على نبيه الكريم المصطفى وعلى آله أعلام الطهارة والهدى ومسلما تسليما.
وكتب أيضا رحمه الله تعالى في جواب استجازة : المسؤول ، مبذول ، إن شاء الله تعالى على التنجيز ، ولكن شروط الإجازة موجودة في المجاز معدومة في المجيز ، والله تعالى يصفح بكرمه ومنّه ، ويشكر كل فاضل على تحسين (٥) ظنه ، وهو المسؤول سبحانه أن يحفظ بعنايته مهجاتهم ، ويرفع بالعلم والعمل درجاتهم ، ويمتعهم بالكمال الرائق المعجب ، ويقر بالنجيبين عين المنجب ، وكتبه ابن حبيش.
وقال الوزير الكاتب أبو بكر بن القبطرنة بستجدي بازيا من المنصور بن الأفطس صاحب بطليوس : [الكامل]
يا أيّها الملك الذي آباؤه |
|
شمّ الأنوف من الطّراز الأوّل |
__________________
(١) في ج «ما أنا للإجادة بأهل». وهو خطأ.
(٢) ينيل : يعطي. ووقع في ه «ينبل من عدم وفرا».
(٣) في ج «عطل». وفي ه «مطل».
(٤) في ب «العبد المذنب المستغفر محمد ...».
(٥) في ب ، ج ، ه «على تحصيل ظنه» وقد أثبتنا ما في أ، وهو أفضل.