المدينة بقدرة الخالق البارئ ، وأصيب في منحة (١) النصر المتاح طائفة من حماة المسلمين الجادين في نصر الدين ، نحو الخمسين ، كتب الله تعالى شهادتهم ، وقتل فئة (٢) من أعداء الله الكافرين نحو ألف فارس وخمسة آلاف راجل ، فغسلها المسلمون من رجس الشرك ، وجلوها من صدإ الإفك. انتهى.
وليت طليطلة البائسة استرجعت كهذه ، ومع هذا فقد غلب العدو بعد على الكل ، والله سبحانه المرجو في الإدالة.
وقال ابن اليسع : أخذ العدو مدينة تطيلة وأختها طرشونة (٣) سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، ولما صار أمر بلنسية إلى الفقيه القاضي أبي أحمد بن جحاف قاضيها صيرها لأمير المسلمين يوسف بن تاشفين ، فحصره بها القادر بن ذي النون الذي مكن الأذفونش من طليطلة ، فهجم عليه القاضي في لمة من المرابطين ، وقتله ، ودفع ابن جحاف لما لم يعهد من تدبير السلطان ، ورجعت عنه (٤) طائفة الملثّمين الذي كان يعتد بهم ، وجعل يستصرخ إلى أمير المسلمين فيبطىء عليه ، وفي أثناء ذلك أنهض يوسف بن أحمد بن هود صاحب سرقسطة لذريق (٥) الطاغية للاستيلاء على بلنسية ، فدخلها ، وعاهده القاضي ابن جحاف ، واشترط عليه إحضار ذخيرة كانت للقادر بن ذي النون ، فأقسم أنها ليست عنده ، فاشترط عليه أنه إن وجدها عنده قتله ، فاتفق أنه وجدها عنده ، فأحرقه بالنار ، وعاث في بلنسية ، وفيها يقول ابن خفاجة حينئذ : [الكامل]
عاثت بساحتك الظّبا يا دار |
|
ومحا محاسنك البلى والنّار (٦) |
فإذا تردّد في جنابك ناظر |
|
طال اعتبار فيك واستعبار |
أرض تقاذفت الخطوب بأهلها |
|
وتمخّضت بخرابها الأقدار (٧) |
كتبت يد الحدثان في عرصاتها |
|
لا أنت أنت ولا الدّيار ديار (٨) |
وكان استيلاء القبنطور (٩) ـ لعنه الله تعالى! ـ عليها سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ، وقيل : في التي قبلها ، وبه جزم ابن الأبار قائلا : فتم حصار القبنطور (١٠) إياها عشرين شهرا ، وذكر أنه
__________________
(١) في ب ، ه «على منحة النصر».
(٢) في ب ، ه «وقتل فيه من أعداء الله».
(٣) في ب ، ه «طرسونة».
(٤) في ه «ورجعت عند ذلك طائفة الملثمين».
(٥) في ب ، ه «ردريق».
(٦) الظبا : هنا السيوف.
(٧) الاستعبار : سيلان الدمع.
(٨) العرصات : جمع عرصة ، وهي ساحة الدار.
(٩) في ب «القنبيطور».
(١٠) في ب «القنبيطور».