هم أوقدوا بين جفنيك نارا |
|
أطالوا بها في حشاك استعارا (١) |
أما يخجل المجد أن زودوك |
|
ولم يصحبوك خباء معارا (٢) |
فقد قنّعوا المجد إن كان ذاك |
|
وحاشاهم خزيا وعارا |
يقلّ لعينيك أن يجعلوا |
|
سواد العيون عليكم شعارا |
ثم إنه بقي مأسورا بأغمات إلى سنة ٤٨٦ ، فأخذ بمالقة رجل كبير يعرف بابن خلف ، فسجن مع أصحاب له ، فنقبوا السجن وذهبوا إلى حصن منت ميور ليلا فأخرجوا قائدها ، ولم يضروه ، وبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رجل ، فسألوه فإذا هو عبد الجبار بن المعتمد ، فولوه على أنفسهم ، وظنّ الناس أنه الراضي ، فبقي في الحصن ، ثم أقبل مركب من الغرب يعرف بمركب ابن الزرقاء ، فانكسر بمرسى الشجرة قريبا من الحصن ، فأخذوا بنوده وطبوله وما فيه من طعام وعدة فاتّسعت بذلك حالتهم ، ثم وصلت أم عبد الجبار إليه ، ثم خاطبه أهل الجزيرة وأهل أركش فدخلها سنة ٤٨٨ ، ولمّا بلغ خبر عبد الجبار إلى ابن تاشفين أمر بثقاف المعتمد في الحديد ، وفي ذلك يقول : [السريع]
قيدي أما تعلمني مسلما |
|
أبيت أن تشفق أو ترحما |
يبصرني فيك أبو هاشم |
|
فينثني القلب وقد هشّما |
وبقي إلى أن توفي رحمه الله سنة ٤٨٨.
وقد ساق الفتح قضية ثورة عبد الجبار بن المعتمد بعبارته البارعة فقال (٣) : وأقام بالعدوة برهة لا يروّع له سرب وإن لم يكن آمنا ، ولا يثور له كرب وإن كان في ضلوعه كامنا ، إلى أن ثار أحد بنيه بأركش ـ معقل كان مجاورا لإشبيلية مجاورة الأنامل للراح ، ظاهر على بسائط وبطاح ـ لا يمكن معه عيش ، ولا يتمكن من منازلته جيش ، فغدا على أهلها بالمكاره وراح ، وضيّق عليهم المتسع من جهاتها والبراح ، فسار نحوه الأمير سير بن أبي بكر ، رحمة الله عليه ، قبل أن يرتدّ طرف استقامته إليه ، فوجده وشرّه قد تشمّر ، وصرده قد تنمّر (٤) ، وجمره متسعر ، وأمره متوعر ،
__________________
(١) في ب ، ه : «هم أوقدوا بين جنبيك نارا».
واستعارا : شدة اشتعال.
(٢) في ب ، ه : «أما يخجل المجد أن يرحلوك».
(٣) انظر القلائد ص ٢٥.
(٤) الصّرد : طائر أكبر من العصفور ، أبيض البطن أخضر الظهر ضخم الرأس والمنقار يصيد صغار الحشرات.
وتنمر : أصبح كالنمر. وقد جاء في ب ، ه : «وضره قد تنمر».