وسهر عباد ليلة لأمر حزبه وهي نائمة ، فقال : [المتقارب]
تنام ومدنفها يسهر |
|
وتصبر عنه ولا يصبر (١) |
فأجابته بديهة بقولها :
لئن دام هذا وهذا له |
|
سيهلك وجدا ولا يشعر |
ويكفيك هذا شاهدا على فضلها رحمها الله تعالى [وسامحها].
ومنهن : بثينة بنت المعتمد بن عباد ، وأمها الرميكية السابقة الذكر ، وكانت بثينة هذه نحوا من أمها في الجمال والنادرة ونظم الشعر ، ولما أحيط بأبيها ووقع النهب في قصره كانت في جملة (٢) من سبي ، ولم يزل المعتمد والرميكية عليها في وله دائم لا يعلمان ما آل إليه أمرها إلى أن كتبت إليهما بالشعر المشهور المتداول بين الناس بالمغرب ، وكان أحد تجار إشبيلية اشتراها على أنها جارية سرّيّة ووهبها لابنه ، فنظر من شأنها وهيّئت له ، فلما أراد الدخول عليها امتنعت ، وأظهرت نسبها ، وقالت : لا أحل لك إلا بعقد النكاح إن رضي أبي بذلك ، وأشارت عليهم بتوجيه كتاب من قبلها لأبيها ، وانتظار جوابه ، فكان الذي كتبته بخطها من نظمها ما صورته : [الكامل]
اسمع كلامي واستمع لمقالتي |
|
فهي السلوك بدت من الأجياد |
لا تنكروا أني سبيت وأنني |
|
بنت لملك من بني عباد |
ملك عظيم قد تولّى عصره |
|
وكذا الزمان يؤول للإفساد |
لما أراد الله فرقة شملنا |
|
وأذاقنا طعم الأسى من زاد (٣) |
قام النّفاق على أبي في ملكه |
|
فدنا الفراق ولم يكن بمراد |
فخرجت هاربة فحازني امرؤ |
|
لم يأت في إعجاله بسداد (٤) |
إذا باعني بيع العبيد فضمّني |
|
من صانني إلا من الأنكاد |
وأرادني لنكاح نجل طاهر |
|
حسن الخلائق من بني الأنجاد |
ومضى إليك يسوم رأيك في الرضا |
|
ولأنت تنظر في طريق رشادي |
__________________
(١) المدنف : الذي اشتد عرضه وأشرف على الموت.
(٢) في ب «كانت من جملة».
(٣) في ب ، ه «طعم الأسى عن زاد».
(٤) في أصل ه «لم يؤت في أفعاله بسداد».