صلة الباب السابع
في نبذة مما من الله تعالى به على أهل الأندلس من توقد الأذهان
وقال الأديب أبو عبد الله بن عائشة في فتى طرزت غلالة خده ، وركب من عارضه سنانا على صعدة قدّه (١) : [الطويل]
إذا كنت تهوى خدّه وهو روضة |
|
به الورد غضّ والأقاح مفلّج (٢) |
فزد كلفا فيه وفرط صبابة |
|
فقد زيد فيه من عذار بنفسج |
وحلّاه في المطمح بأن قال : اشتهر صونا وعفافا ، ولم يخطب بعقيلة حظوة زفافا (٣) ، فآثر انقباضا وسكونا ، واعتمد إليها ركونا ، إلى أن أنهضه أمير المسلمين إلى بساطه فهبّ من مرقد خموله ، وشبّ لبلوغ جدوة (٤) مأموله ، فبدا منه في الحال انزواء ، في تسنّم تلك الرسوم والتواء ، وقعود عن مراتب الأعلام ، وجمود لا يحمد فيه ولا يلام ، إلّا أنّ أمير المسلمين ألقى عليه منه محبّه ، جلبت إليه مسرى الظهور ومهبّه ، وكان له أدب واسع المدى ، يانع كالزهر بلّله الندى ، ونظم مشرق الصفحة ، عبق النفحة ، إلّا أنه قليلا ما كان يحلّ ربعه ، ويذيل له طبعه ، وقد أثبتّ له منه ما يدع الألباب حائرة ، والقلوب إليه طائرة فمن ذلك قوله في ليلة سمحت لي بفتى كان يهواه ، ونفحت له هبّة وصل أبدت جواه (٥) : [السريع]
لله ليل بات عندي به |
|
طوع يدي من مهجتي في يديه |
وبتّ أسقيه كؤوس الطلا |
|
ولم أزل أسهر شوقا إليه |
__________________
(١) انظر المطمح ص ٨٤ ـ ٨٦.
(٢) المفلج : المتشقق ، وأراد اليانع الناضج.
(٣) في ب ، ه : «حضرة زفافا».
(٤) كلمة : «جدوة» ساقطة من ب.
(٥) في ب : «برّدت جواه».