قال ابن حمديس : لما قدمت وافدا على المعتمد بن عباد استدعاني وقال : افتح الطاق ، فإذا بكير زجاج والنار تلوح من بابيه ، وواقده يفتحهما تارة ويسدّهما أخرى ، ثم أدام سد أحدهما ، وفتح آخر ، فحين تأملتهما قال لي : أجز : [المنسرح]
انظر هما في الظلام قد نجما
فقلت : كما رنا في الدّجنّة الأسد
فقال : يفتح عينيه ثمّ يطبقها
فقلت : فعل امرئ في جفونه رمد
فقال : فابتزّه الدهر نور واحدة
فقلت : وهل نجا من صروفه أحد
فاستحسن ذلك وأطربه ، وأمر لي بجائزة ، وألزمني الخدمة.
وعلى ذكر ابن حمديس فما أحسن قوله : [الوافر]
أراك ركبت في الأهوال بحرا |
|
عظيما ليس يؤمن من خطوبه |
تسيّر فلكه شرقا وغربا |
|
وتدفع من صباه إلى جنوبه |
وأصعب من ركوب البحر عندي |
|
أمور ألجأتك إلى ركوبه |
ولغيره : [المجتث]
إنّ ابن آدم طين |
|
والبحر ماء يذيبه |
لو لا الّذي فيه يتلى |
|
ما جاز عندي ركوبه (١) |
وقال ابن حمديس في هذا المعنى : [المجتث]
لا أركب البحر ، أخشى |
|
عليّ منه المعاطب |
طين أنا وهو ماء |
|
والطّين في الماء ذائب |
__________________
(١) في ه «لو لا الذي جاء يتلى».