وجوابكم مرتقب بما يليق بكم ، ويجمل بحسبكم ، والله سبحانه يصل سعدكم ، ويحرس (١) مجدكم ، والسلام الكريم عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
ومن إنشاء لسان الدين أيضا في مخاطبة سلطان فاس والمغرب على لسان سلطان غرناطة فيما يقرب من الأنحاء السابقة ، ما نصه :
المقام الذي أقمار سعده في انتظام واتّساق ، وجياد عزه إلى الغاية القصوى ذات استباق ، والقلوب على حبه ذات اتفاق ، وعناية الله تعالى عليه مديدة الرّواق ، وأياديه الجمة في الأعناق ، ألزم من الأطواق ، وأحاديث مجده سمر النوادي وحديث الرفاق ، مقام محل أبينا الذي شأن قلوبنا الاهتمام بشأنه ، وأعظم مطلوبنا من الله تعالى سعادة سلطانه ، السلطان الكذا ابن السلطان الكذا ابن السلطان الكذا ، أبقاه الله تعالى والصنائع الإلهية تحط ببابه ، والألطاف الخفية تعرّس في جنابه (٢) ، والنصر العزيز يحفّ بركابه ، وأسباب التوفيق متصلة بأسبابه ، والقلوب الشجية لفراقه مسرورة باقترابه (٣) ، معظم سلطانه الذي له الحقوق المحتومة ، والفواضل المشهورة المعلومة ، والمكارم المسطورة المرسومة ، والمفاخر المنسوقة المنظومة ، الداعي إلى الله تعالى في وقاية ذاته المعصومة ، وحفظها على هذه الأمة المرحومة ، الأمير عبد الله يوسف ابن أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل بن فرج بن نصر.
سلام كريم ، طيب برّ عميم ، كما سطعت في غيهب (٤) الشدة أنوار الفرج ، وهبت نواسم ألطاف الله عاطرة الأرج (٥) ، يخص مقامكم الأعلى ، ورحمة الله وبركاته.
أما بعد حمد الله جالي الظلم بعد اعتكارها ، ومقيل الأيام من عثارها ، ومزيّن سماء الملك بشموسها المحتجبة وأقمارها ، ومريح القلوب من وحشة أفكارها ، ومنشئ سحاب الرحمة على هذه الأمة بعد افتقارها ، وشدة اضطرابها واضطرارها ، ومتداركها باللطف الكفيل بتمهيد أوطانها وتيسير أوطارها ، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسوله صفوة النبوّة ومختارها ، ولباب مجدها السامي ونجارها (٦) ، نبي الملاحم وخائض تيّارها ، ومذهب رسوم الفتن ومطفئ نارها ، الذي لم ترعه الشدائد باضطراب بحارها ، حتى بلغت كلمة الله ما شاءت من سطوع أنوارها ، ووضوح آثارها ، والرضا عن آله وأصحابه الذين تمسكوا بعهده على إجلاء الحوادث وإمرارها ، وباعوا نفوسهم في إعلاء دعوته الحنيفية وإظهارها ، والدعاء لمقامكم
__________________
(١) في ه «ويجري مجدكم».
(٢) تعرّس : تنزل وتحط.
(٣) في ب ، ه «مسرورة بإيابه».
(٤) الغيهب : شدة الظلمة.
(٥) الأرج : الرائحة الطيبة العطرة.
(٦) النجار ، بكسر النون : الأصل والحسب.