ومنذ حيّاني بآس فلم |
|
أيأس ولكن كان لي آسي (١) |
وقال لو لا الناس قبلته |
|
ما أشأم الناس على الناس |
وقال أبو بكر محمد بن الملح (٢) ، وهو من رجال الذخيرة ، على لسان حال سوار مذهب : [البسيط]
أنا من الفضّة البيضاء خالصة |
|
لكن دهتني خطوب غيّرت جسدي |
علّقت غصنا على أحوى فأحسدني |
|
جري الوشاح وهذي صفرة الجسد (٣) |
وما أحسن قوله من قصيدة في المعتضد والد المعتمد : [المنسرح]
غرّته الشمس والحيا يده |
|
بينهما للنجيع قوس قزح |
وأمّا ابنه أبو القاسم (٤) فهو من رجال «المسهب» وكان اشتغل أوّل أمره بالزهد ، وكتب التصوّف ، فقال له أبوه : يا بنيّ ، هذا الأمر ينبغي أن يكون آخر العمر ، وأمّا الآن فينبغي أن تعاشر الأدباء والظرفاء ، وتأخذ نفسك بقول الشعر ، ومطالعة كتب الأدب ، فلمّا عاشرهم زيّنوا له الراح ، فتهتك في الخلاعة ، وفرّ إلى إشبيلية ، وتزوّج بامرأة لا تليق بحاله ، وصار يضرب معها بالدف ، فكتب إليه أبوه : [مخلع البسيط]
يا سخنة العين يا بنيّا |
|
ليتك ما كنت لي بنيّا |
أبكيت عيني ، أطلت حزني |
|
أمتّ ذكري وكان حيّا |
حططت قدري وكان أعلى |
|
في كلّ حال من الثّريّا |
أما كفاك الزّنى ارتكابا |
|
وشرب مشمولة الحميّا (٥) |
حتى ضربت الدفوف جهرا |
|
وقلت للشّرّ جيء إليّا |
فاليوم أبكيك ملء عيني |
|
إن كان يغني البكاء شيّا |
فأجاب أباه بقوله : [مخلع البسيط]
__________________
(١) في ه : «شمت حياتي بآس» محرفا.
والآسي : الطبيب.
(٢) في أ: «محمد بن المليح» خطأ. وانظر المغرب ج ١ ص ٣٨٣. والقلائد ص ١٨٧.
والذخيرة ج ٢ ص ١٨٢.
(٣) في ب : «صفرة الحسد».
(٤) انظر المغرب ج ١ ص ٣٨٤.
(٥) الحميا : الخمر.