ولو أنّ ما بي بالحصا فعل الحصا |
|
وبالريح لم يسمع لهنّ هبوب (١) |
ما ينبغي أن يكون مكان «فعل الحصا» فقال أبو مروان «فلق الحصا» فقال : وهمت ، إنما يكون «قلق الحصا» ليكون مطابقا لقوله «لم يسمع لهنّ هبوب» يريد أنّ ما به يحرّك في شأنه السكون ويسكن ما شأنه الحركة ، فقال أبو مروان : ما يريد الشاعر بقوله : [الطويل]
وراكعة في ظلّ غصن منوطة |
|
بلؤلؤة نيطت بمنقار طائر |
وكان اجتماعهما في مسجد ، فأقيمت الصلاة إثر فراغ ابن سراج من إنشاد البيت ، فلمّا انقضت الصلاة قال له الوقشي : ألغز الشاعر باسم أحمد ، فالراكعة الحاء ، والغصن كناية عن الألف ، واللؤلؤة الميم ، ومنقار الطائر الدال ، فقال له ابن سراج : ينبغي أن تعيد الصلاة لشغل خاطرك بهذا اللغز ، فقال له الوقشي : بين الإقامة وتكبيرة الإحرام فككته.
والبيت الأول لعبد الله بن الدمينة ، وبعده : [الطويل]
ولو أنني أستغفر الله كلّما |
|
ذكرتك لم تكتب عليّ ذنوب |
وقال الوزير أبو الحسن بن أضحى : [الطويل]
ومستشفع عندي بخير الورى عندي |
|
وأولاهم بالشكر منّي وبالحمد |
وصلت فلمّا لم أقم بجزائه |
|
لففت له رأسي حياء من المجد |
وكان سبب قوله هذين البيتين أنه كتب إليه أحد (٢) الوزراء شافعا لأحد الأعيان ، فلمّا وصل إليه برّه وأنزله وأعطاه عطاء استعظمه واستجزله ، وخلع عليه خلعا ، وأطلعه من الأحمال بدرا لم يكن مطلعا (٣) ، ثم اعتقد أنه قد جاء مقصّرا ، فكتب إليه معتذرا بالبيتين ، هكذا حكاه الفتح (٤) ، وقال بعد ذلك ما صورته : ومن باهر جلاله ، وطاهر خلاله ، أنه أعفّ الناس بواطن ، وأشرفهم في التقى مواطن ، ما علمت له صبوة ، ولا حلّت له إلى مستنكر حبوة (٥) ، مع عدل لا شيء يعدله ، وتحجّب عمّا يتّقي ممّا يرسل عليه حجابه ويسدله ، وكان لصاحب البلد الذي كان يتولّى القضاء به ابن من أحسن الناس صورة ، وكانت محاسن الأقوال والأفعال عليه مقصورة ، مع ما شئت من لسن ، وصوت حسن ، وعفاف ، واختلاط بالبهاء والتفاف ، قال
__________________
(١) كذا في ، أ، ب ، ج. وفي ه : «فلق».
(٢) في ب ، ه : «بعض الوزراء».
(٣) في أصل ه : «لم يكن له متطلعا».
(٤) أراد الفتح بن خاقان صاحب القلائد والمطمح انظر القلائد ص ٢١٧.
(٥) الحبوة : ما يحتبى به ويشتمل من ثوب أو نحوه. والجملتان كناية عن العفة.