كلّ مصيخ إلى ما قال صاحبه |
|
ولا يبالي أصدقا قال أم إفكا (١) |
موقّرون خفاف عند شربهم |
|
ولا يخافون فيما أحدثوا دركا |
لا تعد منّ إذا أبصرتهم فرحا |
|
أما ترى الصبح من بشر بهم ضحكا |
وقال أبو محمد عبد الله المرواني في الخيري (٢) : [الطويل]
عجبت من الخيريّ يكتم عرفه |
|
نهارا ويسري بالظلام فيعرب (٣) |
فتجني عروس الطيب منه يد الدجى |
|
ويبدو له وجه الصباح فيحجب |
وقال إبراهيم بن إدريس العلوي : [الكامل]
للبين في تعذيب نفسي مذهب |
|
ولنائبات الدهر عندي مطلب |
أمّا ديون الحادثات فإنها |
|
تأتي لوقت صادق لا يكذب |
وخرج الأديب النحوي هذيل الإشبيلي يوما من مجلسه ، فنظر إلى سائل عاري الجسم ، وهو يرعد (٤) ويصيح : الجوع والبرد ، فأخذ بيده ، ونقله إلى موضع بلغته الشمس ، وقال له : صح الجوع ، فقد كفاك الله مؤونة البرد.
ومرّ المعتمد بن عباد ليلة مع وزيره ابن عمار بباب شيخ كثير التندير (٥) والتهكّم ، يمزج ذلك بانحراف يضحك الثكلى ، فقال لابن عمار : تعال نضرب على هذا الشيخ الساقط بابه حتى نضحك معه ، فضربا عليه الباب ، فقال : من هذا؟ فقال ابن عباد : إنسان يرغب أن تقد له هذه الفتيلة ، فقال : والله لو ضرب ابن عباد بابي في هذا الوقت ما فتحته له ، فقال : فإني ابن عباد ، فقال : مصفوع ألف صفعة ، فضحك ابن عباد حتى سقط إلى الأرض ، وقال لوزيره : امض بنا قبل أن يتعدّى الصفع من القول إلى الفعل ، فهذا شيخ ركيك ، ولمّا كان من غد تلك الليلة وجّه له ألف درهم ، وقال لموصلها : قل له هذه (٦) حقّ الألف صفعة التي كانت البارحة.
وكان في زمان المعتمد السارق المشهور بالبازي الأشهب ، وكان له في السرقة كلّ
__________________
(١) الإفك : الكذب والافتراء.
(٢) الخيري : نوع من الورد.
(٣) العرف ، بفتح فسكون : الرائحة الطيبة. ويعرب : يفضح ويظهر.
(٤) يرعد : يرتجف.
(٥) التندير : الفكاهة والنكتة والنادرة. وفي ب : «كثير التهكم والتندير».
(٦) في ه : «هذا حق الألف صفعة».