شيخ طعن في السنّ ، وقال لي : هذا قبر ملك ملوك (١) الأندلس ، وقبر حظيّته التي كان قلبه بحبّها خفّاقا غير مطمئنّ ، فرأيته في ربوة حسبما وصفه ابن الخطيب رحمه الله تعالى في الأبيات ، وحصلت لي من (٢) ذلك المحلّ خشية وادّكار ، وذهبت بي الأفكار ، في ضروب الآيات ، فسبحان من يؤتي ملكه من يشاء لا إله غيره وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
وما أحسن قول الوزير ابن عبدون في مطلع رائيته الشهيرة : [البسيط]
الدهر يفجع بعد العين بالأثر |
|
فما البكاء على الأشباح والصّور |
وهو القائل : [البسيط]
يا نائم اللّيل في فكر الشّباب أفق |
|
فصبح شيبك في أفق النّهى بادي |
غضّت عنانك أيدي الدهر ناسخة |
|
علما بجهل وإصلاحا بإفساد (٣) |
وأسلمت للمنايا آل مسلمة |
|
وعبّدت للرّزايا آل عبّاد (٤) |
لقد هوت منك خانتها قوادمها |
|
بكوكب في سماء المجد وقّاد |
ومنها :
ومالك كان يحمي شول قرطبة |
|
أستغفر الله ، لا ، بل شول بغداد (٥) |
شقّ العلوم نطافا والعلا زهرا |
|
فبين ما بين روّاد ووراد |
وأين هذه القصيدة في مدحهم من قصيدة الغضّ منهم ، وهي قول أبي الحسن جعفر بن إبراهيم بن الحاج اللورقي (٦) : [الطويل]
تعزّ عن الدنيا ومعروف أهلها |
|
إذا عدم المعروف في آل عبّاد |
حللت بهم ضيفا ثلاثة أشهر |
|
بغير قرى ثم ارتحلت بلا زاد |
__________________
(١) في ه : «هذا قبر ملك من ملوك الأندلس».
(٢) في ب ، ه : «في ذلك المحل».
(٣) في أصل ه «عضت عنانك» بالعين المهملة.
(٤) الرزايا : جمع رزية ، وهي المصيبة الشديدة.
(٥) في الأصول : «يحيى» وهو خطأ. والكلام ناظر إلى المثل : الفحل يحمي شوله مفعولا. والشّول : بقية اللبن في الضرع.
(٦) في ب «ابن الحاج».