أرى بدر السماء يلوح حينا |
|
فيظهر ثم يلتحف السّحابا |
وذلك أنه لمّا تبدّى |
|
وأبصر وجهك استحيا وغابا |
وقال الحجاري في «المسهب» (١) : سألت أبا الحسن علي بن حفص الجزيري (٢) أن ينشدني شيئا من شعره ، فقال : يا أبا محمد ، إذا لم ينظم الإنسان مثل قول شرف (٣) : [البسيط]
لم يبق للجور في أيامكم أثر |
|
إلّا الذي في عيون الغيد من حور |
فالأولى له أن يترك نظم الشعر ، إلى أن خرجت معه يوما إلى سيف الجزيرة الخضراء ، فلقي غلاما قد كدر رونق حسنه السفر ، وأثّر في وجهه كآثار الكلف في القمر ، فصافحه ، ثم قال : [الكامل]
بأبي الذي صافحته فتورّدت |
|
وجناته وأناء نحوي قدّه |
قمر بدا كلف السّرى في خدّه |
|
لمّا توالى في الترحل جهده |
لكن معالم حسنه تمّت كما |
|
قد تمّ في صدإ الحسام فرنده (٤) |
فحفظتها من سمعه ، ثم قلت له : قد أخذت عنك من نظمك ، بغير شكرك ، فضحك وقال : فاحفظ هذا ، وأنشد : [مجزوء الرمل]
لا تقولنّ فلان |
|
صاحب قبل اختبار |
وانتظر ويحك نقد اللي |
|
ل فيه والنهار |
أنا جرّبت فلم أل |
|
ف صديقا باختياري (٥) |
وأنشد : [الكامل]
كم قد بكرت إلى الرياض وقضبها |
|
قد ذكّرتني موقف العشّاق |
يا حسنها والريح يلحف بعضها |
|
بعضا كأعناق إلى أعناق |
والورد خدّ والأقاحي مبسم |
|
وغدا البهار ينوب عن أحداق |
__________________
(١) انظر المغرب ج ١ ص ٣٢٥.
(٢) في ب : «ابن شرف».
(٣) في ب ، ه : «قد تم عن صداء الحسام».
والفرند : ما يرى في السيف من تموجات الضوء.
(٤) في ه : «أنا قد جربت فلم ألف» ولا يستقيم بذكر «قد» وزن البيت.
(٥) انظر المغرب ج ١ ص ٣٢٦.