ومن أخبار المعتمد أنه جلس يوما والبزاة تعرض عليه ، فاستحث الشعراء في وصفها ، فصنع ابن وهبون بديها : [الكامل]
للصّيد قبلك سنّة مأثورة |
|
لكنّها بك أبدع الأشياء |
تمضي البزاة وكلّما أمضيتها |
|
عاطيتها بخواطر الشّعراء |
فاستحسنهما ، وأسنى جائزته.
وذكر ابن بسّام أن أبا العرب الصقلي حضر مجلس المعتمد يوما وقد حمل إليه حمول وافرة من قراريط الفضة ، فأمر له بكيسين منها ، وكان بين يديه تماثيل عنبر من جملتها جمل مرصّع بالذهب واللآلئ ، فقال له أبو العرب معرّضا : ما يحمل هذين الكيسين إلا جمل ، فتبسم المعتمد وأمر له به ، فقال أبو العرب بديها : [البسيط]
أهديتني جملا جونا شفعت به |
|
حملا من الفضّة البيضاء لو حملا (١) |
نتاج جودك في أعطان مكرمة |
|
لا قد تصرف من منع ولا عقلا (٢) |
فاعجب لشأني فشأني كلّه عجب |
|
رفّهتني فحملت الحمل والجملا |
وذكر الحجاري هذه القصة فقال : قعد المعتمد في مجلس احتفل في تنضيده ، وإحضار الطرائف الملوكية ، وكان في الجملة تمثال جمل من بلور ، وله عينان من ياقوتتين ، وقد حلى بنفائس الدر ، فأنشده أبو العرب قصيدة ، فأمر له بذهب كثير مما كان بيده من السكة الجديدة ، فقال معرضا بذلك الجمل : ما يحمل هذه الصلة إلا جمل! فقال : خذ هذا الجمل ، فإنه حمال أثقال ، فارتجل شعرا منه :
رفّهتني فحملت الحمل والجملا
وذكر أن ذلك الجمل بيع بخمسمائة مثقال ، فسارت بهذا الخبر الركائب ، وتهادته المشارق والمغارب.
وتباحث المعتمد مرة مع الجلساء في بيت المتنبي الذي زعم أنه أمير شعره : [البسيط]
أزورهم وسواد اللّيل يشفع لي |
|
وأنثني وبياض الصّبح يغري بي |
فقال : ما قصر في مقابلة كل لفظة بضدها إلا أن فيه نقدا خفيا ، ففكروا فيه ، فلما فكروا
__________________
(١) في ج «أجديتني جملا».
(٢) كذا في أ، ب ، ج ، ه.