يهنّئونه ، فلم يمكن لكثرتهم أن ينشد كلّ إنسان قصيدته ، بل كان يختصّ منها بالإنشاد البيتين أو الثلاثة المختارة ، فدخل أحد الشعراء فأنشده : [البسيط]
ما أنت في أمراء الناس كلّهم |
|
إلّا كصاحب هذا الدّين في الرّسل |
أحييت بالسيف دين الهاشميّ كما |
|
أحياه جدّك عبد المؤمن بن علي |
فأمر له بألفي دينار ، ولم يصل أحدا غيره لكثرة الشعراء ، وأخذ بالمثل «منع الجميع ، أرضى للجميع» قال : وانتهت رقاع القصائد وغيرها إلى أن حالت بينه وبين من كان أمامه لكثرتها ، انتهى.
رجع إلى أخبار حفصة :
وأنشد لها أبو الخطاب في «المطرب» قولها : [الطويل]
ثنائي على تلك الثّنايا لأنني |
|
أقول على علم وأنطق عن خبر |
وأنصفها ، لا أكذب الله ، إنني |
|
رشفت بها ريقا أرقّ من الخمر |
وتولّع بها السيد أبو سعيد بن عبد المؤمن ملك غرناطة ، وتغيّر بسببها على أبي جعفر بن سعيد ، حتى أدّى تغيّره عليه أن قتله. وطلب أبو جعفر منها الاجتماع ، فمطلته قدر شهرين ، فكتب لها : [المجتث]
يا من أجانب ذكر اسمه وحبّي علامه (١)
ما إن أرى الوعد يقضى |
|
والعمر أخشى انصرامه |
اليوم أرجوك لا أن |
|
تكون لي في القيامه |
لو قد بصرت بحالي |
|
والليل أرخى ظلامه |
أنوح شوقا ووجدا |
|
إذ تستريح الحمامه (٢) |
صبّ أطال هواه |
|
على الحبيب غرامه |
لمن يتيه عليه |
|
ولا يردّ سلامه |
إن لم تنيلي أريحي |
|
فاليأس يثني زمامه |
فأجابته : [المجتث]
__________________
(١) في ب ، ه : «وحسبي علامه».
(٢) في ب ، ه : «أنوح وجدا وشوقا».