الطفّاحة وخمائلها؟ أين جنائنها (١) النفاحة وشمائلها؟ شذ ما عطل من قلائد أزهارها نحرها ، وخلعت شعشعانية ضحاها بحيرتها وبحرها ، فأية حيلة لا حيلة في صرفها مع صرف الزمان ، وهل كانت حتى بانت إلا رونق الحق وبشاشة الإيمان ، ثم لم يلبث داء عقرها ، أن دبّ إلى جزيرة شقرها ، فأمر (٢) عذبها النّمير ، وذوى غصنها النّضير ، وخرست حمائم أدواحها ، وركدت نواسم أرواحها (٣) ، ومع ذلك اقتحمت دانية ، فنزحت قطوفها وهي دانية ، ويا لشاطبة وبطحائها ، من حيف الأيام وإنحائها ، ولهفاه (٤) ثم لهفاه على تدمير وتلاعها ، وجيّان وقلاعها ، وقرطبة ونوديها ، وحمص وواديها ، كلها رعي كلؤهأ ، ودهي بالتفريق والتمزيق ملؤها (٥) ، عض الحصار أكثرها ، وطمس الكفر (٦) عينها وأثرها ، وتلك البيرة بصدد البوار ، ورية في مثل حلقة السّوار ، ولا مرية في المرية وخفضها على الجوار ، إلى بنيات ، لواحق بالأمهات ، ونواطق بهاك لأول ناطق بهات ، ما هذا النفخ بالمعمور؟ أهو النفخ في الصور؟ أم النّفر عاريا من الحج المبرور؟ وما لأندلس أصيبت بأشرافها ، ونقصت من أطرافها؟ قوّض عن صوامعها الأذان ، وصمّت بالنواقيس فيها الآذان ، أجنت ما لم تجن الأصقاع؟ أعقّت الحقّ فحاق بها الإيقاع؟ كلا بل دانت للسّنّة ، وكانت من البدع في أحسن جنة ، هذه المروانية مع اشتداد أركانها ، وامتداد سلطانها ، ألقت حبّ آل النبوّة في حبات القلوب ، وألوت ما ظفرت من خلعه ولا قلعه بمطلوب ، إلى المرابطة بأقاصي الثغور ، والمحافظة على معالي الأمور ، والركون إلى الهضبة المنيعة ، والروضة المريعة (٧) ، من معاداة الشيعة ، وموالاة الشريعة ، فليت شعري بم استوثق تمحيصها؟ ولم تعلق بعموم البلوى تخصيصها ، اللهم غفرا طالما ضر ضجر ، ومن الأنباء ما فيه مزدجر ، جرى بما لم نقدّره المقدور ، فما عسى أن ينفث به المصدور؟ وربنا الحكيم العليم ، فحسبنا التفويض له والتسليم ، ويا عجبا لبني الأصفر أنسيت مرج الصفر ، ورميها يوم اليرموك بكل أغلب غضنفر (٨) ، دع ذا فالعهد به بعيد ، ومن اتّعظ بغيره فهو سعيد ، هلا تذكرت العامرية وغزواتها ، وهابت العامرية وهبواتها (٩) ، أما الجزيرة بخيلها محدقة ، وبأحاديث فتحها مصدقة ، هذا الوقت المرتقب ، والزمان الذي زجيت له الشهور والحقب (١٠) ، وهذه الإمامة
__________________
(١) في ب ، ج «أين جنائبها».
(٢) أمرّ : أصبح مرا.
(٣) الأرواح : جمع ريح.
(٤) في ب «والهفاه».
(٥) في ه «كلاها ... ملاها».
(٦) في ه «وطمس الكفار».
(٧) المريعة : الخصيبة.
(٨) يوم اليرموك : معركة اليرموك التي انتصر فيها المسلمون على الروم في الشام. والأغلب : الغليظ العنق ، وهنا القوي الشجاع.
(٩) هبوات : جمع هبوة ، وهي الغبرة.
(١٠) الحقبة : الفترة من الزمن.